2 - وإما أن كون هذه المخلوقات الباهرة هي المحدثة الخالقة لنفسها، فهذا أيضا محال ممتنع بضرورة العقل، وكل عاقل يجزم أن الشيء لا يحدث نفسه ولا يخلقه؛ لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقًا؟!

فإذا بطل هذان القسمان عقلًا وفطرةً وبان استحالتهما، تعين القسم الثالث:

3 - وهو أن هذه المخلوقات بأجمعها: علويها وسفليها، وهذه الحوادث لا بد لها من محدث ينتهي إليه الخلق والملك والتدبير، وهو الله العظيم الخالق لكل شيء، المتصرف في كل شيء، المدبّر للأمور كلها (?) ولهذا ذكر الله -تعالى- هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي فقال: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35] (?) ولذلك تأثر جبير بن مطعم بسماعها من النبي صلى الله عليه وسلم تأثرًا عظيمًا، قال -رضي الله عنه-: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ - أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ - أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ} [الطور: 35 - 37] (?) كاد قلبي أن يطير" (?) "وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي» (?).

فالمخلوق لا بد له من خالق، والمصنوع لا بد له من صانع، والمفعول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015