أبي دؤاد (?) وأن الأمر شديد، فُرِّد أحمد ومحمد إلى بغداد في سفينة مع بعض الأسارى، ومات محمد بن نوح في الطريق، فصلى عليه أحمد (?) ووصل أحمد إلى بغداد في رمضان سنة 218هـ وأُودع السجن نحوًا من ثمانية وعشرين شهرًا، وقيل أكثر من ثلاثين شهرًا، وقد كان في هذه المدة يصلي بأهل السجن والقيود في رجليه (?) وكان المعتصم يوجه إليه من يناظره في السجن فيفوز عليهم الإمام أحمد بحجته ودليله، فيُزَاد في قيوده، ثم طلب المعتصم حضوره لديه، فَحُمِلَ على دابة وعليه الأقياد، ما معه من يمسكه إلا الله، وكاد أن يسقط على وجهه لثقل القيود، ولكن الله سلَّم، ثم دخل على المعتصم وأحمد بن أبي دؤاد حاضر عنده، وقد جمع خلْقًا كثيرًا من أصحابه (?) ثم قال المعتصم لأعوانه: ناظروه، فقيل له: ما تقول في القرآن؛ فقال أحمد: ما تقول في علم الله؛ فسكت المناظر له، فقال أحمد: من زعم أن علم الله مخلوق فقد كفر بالله. فقالوا: يا أمير المؤمنين كَفَرَ وكَفَّرنا.
فقال بعضهم: أليس قال الله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62] (?) والقرآن أليس شيئا؟ فقال أحمد: قال الله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [الأحقاف: 25] (?) فدمرت كل شيء إلا ما أراد الله.