الناس بذلك، وبعث بجماعة من أهل الحديث إلى المأمون، فامتحنهم بخلق القران، فأجابو وأظهروا موافقته وهم كارهون، فردهم إلى بغداد، وأمر بإشهار أمرهم بين الفقهاء ففعل نائبه ذلك، وأحضر خلقًا كثيرًا من أئمة الحديث والفقهاء وأئمة المساجد وغيرهم، ودعاهم إلى القول بخلق القرآن عن أمر المأمون، وذكر لهم موافقة أولئك المحدِّثين له على ذلك، فأجاب منهم جماعة (?) وما زال يُهدّد من امتنع منهم بالضرب وقطع الأرزاق، حتى أجابوه إلى ذلك كلهم أجمعون إلا أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح (?) ولا شك أن أكثر المحدثين الذين أجابوا إلى ذلك تأولوا قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106] (?).
ثم قُيِّد الِإمام أحمد ومحمد بن نوح بالحديد، وحملا إلى المأمون، وعندما وصلا إلى جيش الخليفة ونزلا دونه بمرحلة جاء خادم من الجيش وهو يمسح دموعه بطرف ثوبه، ويقول للِإمام أحمد: يعز علي يا أبا عبد الله أن المأمون قد سل سيفًا لم يسله قبل ذلك، ويقسم لئن لم تُجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلنَّك بذلك السيف، فجثى الإمام أحمد على ركبتيه، ورمق بطرفه إلى السماء، وقال: اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤونته. فجاء الصريخ بموت المأمون في الثلث الأخير من الليل، ففرح أحمد، ثم جاء الخبر بأن المعتصم قد ولي الخلافة، وقد انضم إليه أحمد بن