وهذا الكلام لو حلل تحليلا لا تجد له طعماً ولا ريحاً، وهو كلام مرفوض شرعا وغير مستساغ عقلا، وتوضيح ذلك كالآتي:
(أ) الوجوب حكم شرعي، وهو ما شرعه الله وأمر به أمراً جازما في كتابه أو فيما أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم لأن الله وحده هو المشرع ورسوله المصطفى هو المبلغ عنه شرعه سبحانه، وقد اختاره الله لهذه المهمة، مهمة التبليغ. وليس فيما بلغه رسول الله عليه الصلاة والسلام وجوب تقليد أحد الناس سلفا وخلفا، إذا بأي كتاب، أو بآية سنة وجب تقليد أحد الأئمة الأربعة رحمهم الله في الوقت الذي لا يجوز تقليد غيرهم ولو كان المقلَّد أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم؟ !!.
(ب) كان يعيش في عصر التابعين أربعة من الأئمة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في حقهم إنهم أئمة الدنيا في عصرهم وهم مالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، والثوري بالعراق، والليث بن سعد بمصر.
وهنا سؤال يطرح نفسه ولا يمكن رده بحال وهو:
ما هو الدليل الشرعي الذي اختار الإمام مالكاً دون الأئمة الثلاثة الآخرين لهذا الوجوب؟ !!. وما هو المسوغ العقلي لهذه التفرقة؟ !!، ولا أظن أن أحداً يملك الجواب على هذا التساؤل.
والأئمة الأربعة في تصور البيجوري بمثابة رؤساء الأحزاب، المتنافسين على الزعامة ولكل حزب دستوره وشروطه يجب على أتباعه إلتزامها ومن كان منتميا إلى حزب مالك مثلا لا يجوز له الإنخراط في حزب الشافعي إلا بعد الإستقالة من حزب مالك، وهكذا دواليك إلى آخر الأحزاب.
ويشهد لما ذكرنا ذلك الجدال الذي يخوض فيه البيجوريون وهم يناقشون مسألة وجوب التقيد بمذهب معين أو جواز الإنتقال من مذهب إلى مذهب.
قال إبراهيم البيجوري في جملة ما قاله: "قال بعضا لا يجب تقليد واحد بعينه، بل له أن يأخذ فيما يقع له بهذا المذهب تارة وبغيره أخرى، فيجوز أن يصلي صلاة الظهر على مذهب الإمام الشافعي وصلاة العصر على مذهب الإمام مالك وهكذا".
هل سمعتم أو قرأتم حديثاً شيقا كهذا؟ !! هل صفة الصلاة عند الإمام الشافعي تختلف عن صفة الصلاة عند الإمام مالك رحمهما الله؟، اللهم إلا إذا أراد مسألة وضع اليمنى على اليسرى فوق الصدر علما بأن حديث وضع اليمنى على اليسرى فوق الصدر قد رواه مالك في