وَقد يختارون من المطالب الثَّمَانِية الْمَذْكُورَة فِي صفة الْجَامِع مطلبا جزئيا ويصنفون فِيهِ مَبْسُوطا كَمَا صنف أَبُو بكر بن أبي الدُّنْيَا فِي بَاب النِّيَّة وذم الدُّنْيَا كتابين مبسوطين والآجري فِي بَاب رُؤْيَة الله وعَلى هَذَا الْقيَاس صنفت كتب كَثِيرَة فِي جزئيات تِلْكَ المطالب الثَّمَانِية بِحَيْثُ لَا تطِيق الطَّاقَة البشرية إحصاءها وللشيخ ابْن حجر والسيوطي يَد طولى فِي تأليف الرسائل
وَهُوَ يجمع فِي بَاب وَاحِد أَو أَبْوَاب شَتَّى بِسَنَد وَاحِد أَو أَسَانِيد مُتعَدِّدَة وَهُوَ أَيْضا كثير جدا كَمَا يسمع وَيرى فَالْحَاصِل أَن أَقسَام التصانيف فِي علم الحَدِيث ترجع إِلَى هَذِه الْأَنْوَاع السِّتَّة الْمَذْكُورَة وَيُقَال للرسائل الْكتب أَيْضا انْتهى مَا فِي العجالة
قلت وَلَيْسَ هَذَا على طَرِيق الْحصْر فَإِن من أقسامها أَيْضا الْأَفْرَاد والغرائب وَهُوَ فِي اصطلاحهم عبارَة عَن الْأَحَادِيث الَّتِي تكون عِنْد شيخ وَلَا تكون عِنْد آخر ككتاب الْأَفْرَاد للدارقطني
وَمِنْهَا السّنَن وَهُوَ الْكتاب الْمُرَتّب على أَبْوَاب الْفِقْه من الْإِيمَان وَالطَّهَارَة وَالصَّلَاة وَالصِّيَام إِلَى آخرهَا كسنن أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَغَيرهَا
وَمِنْهَا الْمُسْتَخْرج وَهُوَ مَا استخرج لإِثْبَات أَحَادِيث كتاب آخر مَعَ رِعَايَة ترتيبه ومتونه وطرق إِسْنَاده وَيَنْتَهِي سَنَده إِلَى شيخ ذَلِك المُصَنّف أَو شيخ شَيْخه وهلم جرا بِحَيْثُ لَا يحول المُصَنّف بَينه وَبَين هَذَا السَّنَد وَفَائِدَته زِيَادَة الِاعْتِمَاد والوثوق على رِوَايَات ذَلِك المُصَنّف من جِهَة كَون الطّرق الْأُخْرَى لهَذِهِ الْأَحَادِيث كمستخرج أبي عوانه وَيُقَال لَهُ الصَّحِيح أَيْضا لِأَنَّهُ زَاد طرقا أُخْرَى على طرق صَحِيح مُسلم وَأَسَانِيده وقليلا من الْمَتْن أَيْضا فَكَأَنَّهُ فِي نَفسه كتاب مُسْتَقل وَقد انتقى مِنْهُ الذَّهَبِيّ ثَلَاثِينَ ومائتي حَدِيث وَهُوَ الْمَشْهُور بمنتقى الذَّهَبِيّ وَكَذَلِكَ الْمُسْتَدْرك وَهُوَ اسْتِدْرَاك مَا فَاتَ من كتاب آخر على