فِي الْمسند أَحَادِيث انتخبتها من أَكثر سَبْعمِائة ألف وَخمسين ألفا فَمَا اختلفتم فِيهِ فَارْجِعُوا إِلَيْهِ وَمَا لم تَجدوا فِيهِ فَلَيْسَ بِحجَّة
قَالَ السَّيِّد الشريف المُرَاد بِهَذِهِ الْأَعْدَاد الطّرق لَا الْمُتُون
وَقَالَ أَبُو المكارم عَليّ بن شهَاب الصديقي الظَّاهِر أَن هَذَا القَوْل مَوْضُوع على الإِمَام أَحْمد لِأَن فِي الْكتب الصَّحِيحَة من الْأَحَادِيث مَا لم يُوجد فِي الْمسند مَعَ الْإِجْمَاع على صِحَّتهَا
فَإِنَّهُ لما كَانَ من أصُول الْفُرُوض وَجب الاعتناء بِهِ والاهتمام بضبطه وَحفظه ولذك يسر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للْعُلَمَاء الثِّقَات الَّذين أحفظوا قوانينه وَأَحَاطُوا فِيهِ فيناقلوه كَابِرًا عَن كَابر وأوصله كَمَا سَمعه أول إِلَى آخر وحببه الله تَعَالَى لَهُم لحكمة حفظ دينه وحراسة شَرِيعَته فَلم يزل هَذَا الْعلم من عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غض طري وَالدّين مُحكم الأساس قوي أشرف الْعُلُوم وأجلها لَدَى الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعي التَّابِعين خلفا بعد سلف لَا يشرف بَينهم أحد بعد حفظ كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَّا بِقدر مَا يحفظ مِنْهُ وَلَا يعظم فِي النُّفُوس إِلَّا بِحَسب مَا سمع من الْأَحَادِيث فتوفرت الرغبات فِيهِ فَمَا زَالَ لَهُم من لدن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَن انْقَطَعت الهمم على تعلمه حَتَّى لقد كَانَ أحدهم يرحل إِلَى المراحل ذَوَات الْعدَد ويفني الْأَمْوَال وَالْعدَد وَيقطع الفيافي والمفاوز ويجوب الْبِلَاد شرقا وغربا فِي طلب حَدِيث وَاحِد ليسمعه من راوية فَمنهمْ من يكون الْبَاعِث لَهُ على الرحلة طلب ذَلِك الحَدِيث لذاته وَمِنْهُم من يقرن بِتِلْكَ الرَّغْبَة سَمَاعه من ذَلِك الرَّاوِي بِعَيْنِه إِمَّا لِثِقَتِهِ فِي نَفسه وَإِمَّا لعلو إِسْنَاده فانبعثت العزائم إِلَى تَحْصِيله وَكَانَ اعتمادهم أَولا على الْحِفْظ والضبط فِي الْقُلُوب غير ملتفتين إِلَى مَا يكتبونه مُحَافظَة على هَذَا الْعلم كحفظهم كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا معولين على مَا يسطرونه وَذَلِكَ لسرعة حفظهم وسيلان أذهانهم