نقلت اعْلَم أَن الْأَحَادِيث قد تميزت مراتبها لهَذَا الْعَهْد بَين صَحِيح وَحسن وَضَعِيف ومعلول وَغَيرهَا تنزلها أَئِمَّة الحَدِيث وجهابذته وعرفوها وَلم يبْق طَرِيق فِي تَصْحِيح مَا يَصح من قبل
وَلَقَد كَانَ الْأَئِمَّة فِي الحَدِيث يعْرفُونَ الْأَحَادِيث بطرقها وأسانيدها بِحَيْثُ لَو رُوِيَ حَدِيث بِغَيْر سَنَده وَطَرِيقه يَفْطنُون إِلَى أَنه قد قلب عَن وَضعه وَلَقَد وَقع مثل ذَلِك للْإِمَام مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ حِين ورد على بَغْدَاد وَقصد المحدثون امتحانه فَسَأَلُوهُ عَن أَحَادِيث قلبوا أسانيدها فَقَالَ لَا أعرف هَذِه وَلَكِنِّي حَدثنِي فلَان ثمَّ أَتَى بِجَمِيعِ تِلْكَ الْأَحَادِيث على الْوَضع الصَّحِيح ورد كل متن إِلَى سَنَده وأقروا لَهُ بِالْإِمَامَةِ
وَقد انْقَطع لهَذَا الْعَهْد تَخْرِيج شَيْء من الْأَحَادِيث واستدراكها على الْمُتَقَدِّمين إِذْ الْعَادة تشهد بِأَن هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة على تعددهم وتلاحق عصورهم وكفايتهم واجتهادهم لم يَكُونُوا ليغفلوا شَيْئا من السّنة أَو يَتْرُكُوهُ حَتَّى يعثر عَلَيْهِ الْمُتَأَخر وَهَذَا بعيد عَنْهُم وَإِنَّمَا تَنْصَرِف الْعِنَايَة لهَذَا الْعَهْد إِلَى تَصْحِيح الْأُمَّهَات الْمَكْتُوبَة وضبطها بالرواية عَن مصنفها وَالنَّظَر فِي أسانيدها إِلَى مؤلفها وَعرض ذَلِك على مَا تقرر فِي علم الحَدِيث من الشُّرُوط وَالْأَحْكَام لتتصل الْأَسَانِيد محكمَة إِلَى مُنْتَهَاهَا وَلم يزِيدُوا فِي ذَلِك على الْعِنَايَة بِأَكْثَرَ من هَذِه الْأُمَّهَات الْخَمْسَة إِلَّا فِي الْقَلِيل انْتهى
قَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع الصَّغِير سميته جمع الْجَوَامِع وقصدت فِيهِ جَمِيع الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة بأسرها انْتهى قَالَ شَارِحه العزيزي أَي جَمِيعهَا
قَالَ الْمَنَاوِيّ وَهَذَا بِحَسب مَا اطلع عَلَيْهِ المُصَنّف لَا بِاعْتِبَار مَا فِي نفس الْأَمر انْتهى
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ حصر الْأَحَادِيث يبعد امكانه غير أَن جمَاعَة بالغوا فِي تتبعها وحصروها
قَالَ الإِمَام أَحْمد صَحَّ سَبْعمِائة ألف وَكسر وَقَالَ قد جمعت