(كَأَن لم يكن بَين الْحجُون إِلَى الصَّفَا ... أنيس وَلم يسمر بِمَكَّة سامر)
(بل نَحن كُنَّا أَهلهَا فأبادنا ... صروف اللَّيَالِي والخطوب الزواجر)
فسبحان الَّذِي يفعل مَا يَشَاء وَيحكم مَا يُرِيد وَهِي الْآن فِي إيدي النَّصَارَى {وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد} شعر
(وبلدة لَيْسَ بهَا أنيس ... إِلَّا اليعافير وَإِلَّا العيس)
وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمَّا طعنت فِي السّنة السَّادِسَة من عمري لبّى وَالِدي الْأَجَل دَاعِي الْأَجَل وَكَانَ ربيع شبابه خضرًا وَرَيْحَان حَيَاته نضرا فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون {وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون} وَبقيت إِذا ذَاك فِي حجر والدتي يَتِيما فَقِيرا غفر الله لي ولوالدي وَلمن توالد ورحمهما كَمَا ربياني صَغِيرا إِلَى أَن طويت منَازِل الصِّبَا وَدخلت مسارح النشو والنما وقرأت من الفارسية وَالصرْف والنحو بعض رسائلها وأتقنت نبذة من مسائلها ميزت بهَا فِي الغث والسمين وَفرقت بَين السِّين والشين ثمَّ نزلت ببلدة كانبور ورتعت فِي مروج الشُّهُود والحضور وقرأت هُنَاكَ مَا تيَسّر لي من أَوَائِل الْفُنُون وجدال تِلْكَ الْعُيُون كالفوائد الضيائية ومختصر الْمعَانِي وَغَيرهَا من من كتب الْمعَانِي والمباني حَتَّى نشأت فِي دَاعِيَة الْعلم الصادقة وحصلت لي قُوَّة المطالعة الواثقة وطبعي أستلذ بِالْعلمِ وَالْفضل وروعي تنفر من اللَّغْو وَالْجهل وعزمت على السّير متوكلا على مُوَافق الْخَيْر فَجئْت الأوطان وودعت الإخوان وسافرت مشمرا عَن سَاق الْجد لتَحْصِيل الْعُلُوم وشددت الرحل إِلَى دهلي دَار الْعلم لفض الختام عَن هَذَا الرَّحِيق الْمَخْتُوم وألقيت بهَا عَصا التسيار وَحَضَرت مختبرا مدارس الْعلم ودور الْكِبَار فاخترت من بَينهم لتكميل هَذَا الشَّأْن جناب من هُوَ مخدوم الْأَعْيَان ونخبة الْأَزْمَان مولَايَ الْعَلامَة وأستاذي التكلامة غورة الْعُلُوم الَّتِي لَا يُنَادى وليدها وخضارة الْفُنُون الَّتِي لَا يُحْصى طارفها وتليدها مستجمع الْفَضَائِل الْمجمع