أَبُو الْحُسَيْن عَسَاكِر الدّين مُسلم بن الْحجَّاج بن مُسلم بن ورد بن كوشاذ الْقشيرِي نسبا النَّيْسَابُورِي وطنا نِسْبَة إِلَى قُشَيْر مُصَغرًا قَبيلَة مَعْرُوفَة من الْعَرَب ونيسابور بلد بخراسان مَعْرُوف بالْحسنِ وَالْعَظَمَة كَانَ أحد أَئِمَّة أَعْلَام هَذَا الشَّأْن وكبار المبرزين فِيهِ وَأهل الْحِفْظ والإيقان والرحالين فِي طلبه إِلَى أَئِمَّة الأقطار والبلدان والمعترف لَهُ بالتقديم فِيهِ بِلَا خلاف عِنْد أهل الحذق والعرفان والمرجوع إِلَى كِتَابه وَالْمُعْتَمد عَلَيْهِ فِي كل الْأَزْمَان وَالْمجْمَع عَلَيْهِ على تقدمه على أهل عصره كَمَا شهد لَهُ بذلك إِمَامًا وقتهما وحافظا عصرهما أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم أَجمعُوا على أَنه ولد بعد الْمِائَتَيْنِ فَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَقيل سنة أَربع وَقيل سنة سِتّ وَتُوفِّي عَشِيَّة الْأَحَد وَدفن يَوْم الْإِثْنَيْنِ الْخَامِس وَالْعِشْرين من رَجَب سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بنصر آباد ظَاهر مَدِينَة نيسابور وعمره خمس وَخَمْسُونَ سنة رَحل إِلَى الْحجاز وَالْعراق وَالشَّام ومصر وَسمع يحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وعبد الله بن مسلمة القعْنبِي وَغَيرهم وَقدم بَغْدَاد غير مرّة فروى عَنهُ أَهلهَا وَآخر قدومه إِلَيْهَا فِي سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ
قَالَ النَّوَوِيّ روى عَنهُ جماعات من كبار أَئِمَّة عصره وحفاظه وَفِيهِمْ جماعات فِي دَرَجَته فَمنهمْ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ ومُوسَى بن هَارُون وَأحمد بن سَلمَة وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَأَبُو بكر بن خُزَيْمَة وَيحيى بن صاعد وَأَبُو عوَانَة الاسفرائيني وأخرون لَا يُحصونَ انْتهى
قَالَ الديبع كَانَ يقدم فِي معرفَة الصَّحِيح على أهل عصره وَقَالَ النَّوَوِيّ وَمن حقق نظره فِي صَحِيح مُسلم واطلع على مَا أودعهُ فِيهِ علم أَنه إِمَام لَا يلْحقهُ من بعد عصره وَقل من يُسَاوِيه بل يدانيه من أهل وقته ودهره {ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء}