وَهُوَ أحد الصَّحِيحَيْنِ اللَّذين هما أصح الْكتب بعد كتاب الله تَعَالَى وَالثَّانِي من الْأُصُول السِّتَّة وَقد ذكرنَا طرفا من تَفْضِيل أَحدهمَا على الآخر عِنْد ذكر صَحِيح البُخَارِيّ فَلَا نعيده وَكَانَ الْحَافِظ أَبُو عَليّ النَّيْسَابُورِي شيخ الْحَاكِم يقدم صَحِيحه على سَائِر التصانيف وَقَالَ مَا تَحت أَدِيم السَّمَاء أصح من كتاب مُسلم وَوَافَقَهُ على ذَلِك بعض شُيُوخ الْمغرب ومستندهم أَنه شَرط أَن لَا يكْتب فِي صَحِيحه إِلَّا مَا رَوَاهُ تابعيان ثقتان عَن صحابيين وَكَذَا فِي تبع التَّابِعين وَسَائِر الطَّبَقَات إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَيْهِ مراعيا فِي ذَلِك مَا لزم فِي الشَّهَادَة وَلَيْسَ هَذَا من شَرط البُخَارِيّ أما حَدِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ فَإِنَّمَا ذكره وَإِن لم يُوجد فِيهِ هَذَا الشَّرْط لثُبُوت صِحَّته وشهرته والتبرك بِهِ على أَن الشَّرْط فِي نفس الْأَمر مَوْجُود وَلم يذكرهُ اعْتِمَادًا على غَيره والنادر لَا حكم لَهُ
قَالَ مُسلم ألفت كتابي هَذَا من ثَلَاثمِائَة ألف حَدِيث مسموعة وَقَالَ لَو أَن أهل الأَرْض يَكْتُبُونَ الحَدِيث مِائَتي سنة مَا كَانَ مدارهم إِلَّا على هَذَا الْمسند وَقَالَ مَا وضعت شَيْئا فِي كتابي هَذَا إِلَّا بِحجَّة وَمَا أسقطت مِنْهُ شَيْئا إِلَّا بِحجَّة قَالَ أَحْمد بن سَلمَة كتبت مَعَ مُسلم فِي تأليف صَحِيحه خمس عشرَة سنة وَهُوَ اثْنَا عشر ألف حَدِيث
قَالَ النَّسَائِيّ مَا فِي هَذِه الْكتب كلهَا أَجود من كتاب البُخَارِيّ
وَقَالَ مكي بن عَبْدَانِ أحد حفاظ نيسابور سَمِعت مُسلما يَقُول عرضت كتابي هَذَا على أبي زرْعَة الرَّازِيّ فَكلما أَشَارَ أَن لَهُ عِلّة تركته وَكلما قَالَ أَنه صَحِيح وَلَيْسَ لَهُ عِلّة خرجته رَوَاهُ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ بِإِسْنَادِهِ
قَالَ مُسلم فِي أول صَحِيحه الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى جَمِيع الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ أما بعد فَإنَّك يَرْحَمك