قال الإنباري: هذا قول شاذ، لأن حرف الاستفهام لا يضمر إذا كان فارقا بين الإخبار والاستخبار.
وهؤلاء استشهدوا بقوله: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} .
وهذا لا حاجة فيه، لأنه قد تقدم الاستفهام في ألأول الجملة، الشرطية {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} فلم إلى ذكره ثانية. بل ذكره يفسد الكلام. ومثله قوله: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} وقوله: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ} وقوله: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} وهذا من فصيح الكلام وبليغه واستشهدوا بقوله:
لعمرك لا أدري، وإن كنت داريا ... بسبع رمين الجمر أم بثمان؟
وقوله:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط ...
غلس الظلام من الرباب خيالا؟
تقديره: أكذبتك عينك؟
وهذا لا حجة فيه.لأن قوله فيما بعد "أم بثمان" و "أم رأيت" يدل عل الألف المحذوفة في البيت الأول.وأما الثاني: فإن كانت "أم" هي المتصلة فكذلك. وإن كانت المنفصلة فالخبر على بابه.
وهؤلاء مقصودهم: أن النفس لا تأثير لها في وجود السيئات وليست سببا فيها. بل قد يقولون: إن المعاصي علامة محضة على العقوبة لاقترانها بها. لا أنها سبب لها.وهذا مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف، وللعقل.