مِن دُونِهِ} آلهتهم، ثم استثنى عيسى وعزيزاً والملائكة، فقال: {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ} وهو شهادة أن لا إله إلا الله {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم. قال: وهذا مذهب الأكثرين، منهم قتادة.
والثاني: أن المراد ب {الَّذِينَ يَدْعُونَ} عيسى وعزيراً والملائكة، الذين عبدهم المشركون، لا يملك هؤلاء الشفاعة لأحد {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ} وهي كلمة الإخلاص {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أن الله تعالى خلق عيسى وعزيراً والملائكة. وهذا مذهب قوم، منهم مجاهد.
وقال البغوي: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ} [الزخرف: 86] ، هم عيسى وعزير والملائكة؛ فإنهم عبدوا من دون الله تعالى، ولهم الشفاعة. وعلى هذا تكون " من " في محل رفع.
وقيل: " من " في محل خفض، وأراد بـ {الَّذِينَ يَدْعُونَ} : عيسى وعزيراً والملائكة، يعنى: أنهم لا يملكون الشفاعة إلا لمن شهد بالحق. قال: والأول أصح.
قلت: قد ذكر جماعة قول مجاهد وقتادة، منهم ابن أبى حاتم. روى بإسناده المعروف على شرط الصحيح عن مجاهد قوله: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} عيسى وعزير والملائكة، يقول: لا يشفع عيسى وعزير والملائكة {إلا مَنْ شَهِدَ بِالحَقِ} يعلم الحق. هذا لفظه. جعل " شفع " متعديا بنفسه وكذلك لفظ. . . [بياض بالأصل] .
وعلى هذا، فيكون منصوبا، لا يكون مخفوضاً، كما قاله البغوي؛ فإن الحرف الخافض إذا حذف انتصب الاسم، ويكون على هذا يقال: شفعته، وشفعت له، كما يقال: نصحته، ونصحت له. و " شفع " أي صار شفيعاً للطالب، أي لا يشفعون طالباً ولا يعينون طالباً {إلا مَنْ شَهِدَ بِالحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أن الله ربهم.