35 - الْمُحْتَسَبُ عَلَيْهِ هُوَ الْمَأْمُورُ بِالْمَعْرُوفِ وَالْمَنْهِيُّ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُلَابِسًا لِمَفْسَدَةٍ وَاجِبَةِ الدَّفْعِ , أَوْ تَارِكًا لِمَصْلَحَةٍ وَاجِبَةِ الْحُصُولِ (?).
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ (?): وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ مَصِيرِ الْفِعْلِ الْمَمْنُوعِ فِي حَقِّهِ مُنْكَرًا , وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا , وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَأْمُورِ وَالْمَنْهِيِّ أَنْ يَكُونَا عَاصِيَيْنِ (?). وأقلُّ ما يكفي في ذلك أنْْ يكونَ إنساناً، ولا يشترطُ كونهُ مكلفاً، إذ بينا أنَّ الصبيَّ لو شربَ الخمرَ مُنعَ منهُ واحتسبُ عليهِ، وإنْ كانَ قبلَ البلوغِ، ولا يشترطُ كونهُ مميزاً إذ بيَّنَّا أنَّ المجنونَ لو كانَ يزني بمجنونةٍ أو يأتي بهيمةً منعَهُ منهُ. نعمْ مِنَ الأفعالِ ما لا يكونُ منكراً في حقِّ المجنونِ كترك ِالصلاة ِوالصومِ وغيرهِ. ولكنَّا لسنا نلتفتُ إلى اختلافِ التفاصيلِ، فإنَّ ذلكَ أيضاً مما يختلفُ فيه المقيمُ والمسافرُ والمريضُ والصحيحُ. وغرضُنا الإشارةُ إلى الصفةِ التي بها يتهيأُ توجُّهُ أصلِ الإنكار ِعليهِ لا ما بها يتهيأُ للتفاصيلِ (?).
أَوَّلًا - الِاحْتِسَابُ عَلَى الصِّبْيَانِ (?):
36 - صَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ بِالْوُجُوبِ , وَنَقَلَ عَنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ إنْكَارُ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ , بَلْ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ مَعْصِيَةً لِخُصُوصِ الْفَاعِلِ , كَمَنْعِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَى (?).
وَرَجَّحَ ابْنُ مُفْلِحٍ وَالسَّفَارِينِيُّ الْوُجُوبَ عِنْدَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ , وَرَجَّحَ الْحَجَّاوِيُّ الِاسْتِحْبَابَ، وَقَالَ: يُسْتَحَبُّ الْإِنْكَارُ عَلَى الْأَوْلَادِ الَّذِينَ دُونَ الْبُلُوغِ سَوَاءٌ أَكَانُوا ذُكُورًا أَمْ إنَاثًا تَأْدِيبًا لَهُمْ وَتَعْلِيمًا (?).
ثَانِيًا - الِاحْتِسَابُ عَلَى الْوَالِدَيْنِ (?):
37 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْوَلَدِ الِاحْتِسَابُ عَلَيْهِمَا , لِأَنَّ النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُطْلَقَةٌ تَشْمَلُ الْوَالِدَيْنِ وَغَيْرَهُمَا , وَلِأَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ لِمَنْفَعَةِ الْمَأْمُورِ وَالْمَنْهِيِّ , وَالْأَبُ وَالْأُمُّ أَحَقُّ أَنْ يُوصِلَ الْوَلَدُ إلَيْهِمَا الْمَنْفَعَةَ (?)، وَلَكِنْ لَا يَتَجَاوَزُ مَرْتَبَتَيْ التَّعَرُّفِ وَالتَّعْرِيفِ , وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ