وَإِذَا كَانَ فِي أَهْلِ الْأَسْوَاقِ مَنْ يَخْتَصُّ بِمُعَامَلَةِ النِّسَاءِ رَاعَى الْمُحْتَسِبُ سِيرَتَهُ وَأَمَانَتَهُ فَإِذَا تَحَقَّقَ مِنْهُ أَقَرَّهُ عَلَى مُعَامَلَتِهِنَّ، وَإِنْ ظَهَرَتْ مِنْهُ الرِّيبَةُ وَبَانَ عَلَيْهِ الْفُجُورُ مَنَعَهُ مِنْ مُعَامَلَتِهِنَّ وَأَدَّبَهُ عَلَى التَّعَرُّضِ لَهُنَّ (?).
وَإِنْ بَنَى قَوْمٌ فِي طَرِيقٍ سَابِلًا مَنَعَ مِنْهُ , وَإِنْ اتَّسَعَ لَهُ الطَّرِيقُ , وَيَأْخُذُهُمْ بِهَدْمِ مَا بَنَوْهُ. وَلَوْ كَانَ الْمَبْنِيُّ مَسْجِدًا , لِأَنَّ مَرَافِقَ الطَّرِيقِ لِلسُّلُوكِ لَا لِلْأَبْنِيَةِ. وَيَجْتَهِدُ الْمُحْتَسِبُ (?).
وَإِذَا وَضَعَ النَّاسُ الْأَمْتِعَةَ وَآلَاتِ الْأَبْنِيَةِ فِي مَسَالِكِ الشَّوَارِعِ وَالْأَسْوَاقِ ارْتِفَاقًا لِيَنْقُلُوهُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ مُكِّنُوا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَضِرَّ بِهِ الْمَارَّةُ؛ وَمُنِعُوا مِنْهُ إنْ اسْتَضَرُّوا بِهِ.
وَهَكذَا الْقَوْلُ فِي إخْرَاجِ الْأَجْنِحَةِ وَالْأَسْبِطَةِ وَمَجَارِي الْمِيَاهِ وَآبَارِ الْحُشُوشِ يُقِرُّ مَا لَا يَضُرُّ وَيَمْنَعُ مَا ضَرَّ وَيَجْتَهِدُ الْمُحْتَسِبُ رَأْيَهُ فِيمَا ضَرَّ، وَمَا لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ الْعُرْفِيِّ دُونَ الشَّرْعِيِّ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاجْتِهَادَيْنِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ الشَّرْعِيَّ مَا رُوعِيَ فِيهِ أَصْلٌ ثَبَتَ حُكْمُهُ بِالشَّرْعِ، وَالِاجْتِهَادُ الْعُرْفِيُّ مَا رُوعِيَ فِيهِ أَصْلٌ ثَبَتَ حُكْمُهُ بِالْعُرْفِ، وَيُوَضَّحُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِتَمْيِيزِ مَا يَسُوغُ فِيهِ اجْتِهَادُ الْمُحْتَسِبِ، مِمَّا هُوَ مَمْنُوعُ الِاجْتِهَادِ فِيهِ (?).
. وَلِوَالِي الْحِسْبَةِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ نَقْلِ الْمَوْتَى مِنْ قُبُورِهِمْ إذَا دُفِنُوا فِي مِلْكٍ أَوْ مُبَاحٍ إلَّا مِنْ أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَيَكُونُ لِمَالِكِهَا أَنْ يَأْخُذَ مَنْ دَفَنَهُ فِيهَا بِنَقْلِهِ مِنْهَا. وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ نَقْلِهِمْ مِنْ أَرْضٍ قَدْ لَحِقَهَا سَيْلٌ أَوْ نَدًى فَجَوَّزَهُ الزُّبَيْرِيُّ وَأَبَاهُ غَيْرُهُ (?).
وَيَمْنَعَ مِنْ خِصَاءِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ وَيُؤَدِّبُ عَلَيْهِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ فِيهِ قَوَدٌ أَوْ دِيَةٌ اسْتَوْفَاهُ لِمُسْتَحِقِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَنَازُعٌ وَتَنَاكُرٌ (?).
وَيَمْنَعُ مِنْ خِضَابِ الشَّيْبِ بِالسَّوَادِ إلَّا لِلْمُجَاهَدَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيُؤَدِّبُ مَنْ يَصْبُغُ بِهِ لِلنِّسَاءِ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، فَيَمْنَعُ مِنْ التَّكَسُّبِ بِالْكَهَانَةِ وَاللَّهْوِ وَيُؤَدِّبُ عَلَيْهِ الْآخِذَ وَالْمُعْطِيَ (?).
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُحْتَسَبُ عَلَيْهِ (?):