الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُحْتَسَبُ فِيهِ (?):

21 - تَجْرِي الْحِسْبَةُ فِي كُلِّ مَعْرُوفٍ إذَا ظَهَرَ تَرْكُهُ , وَفِي كُلِّ مُنْكَرٍ إذَا ظَهَرَ فِعْلُهُ , وَيَجْمَعُهَا لَفْظُ (الْخَيْرِ) فِي قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (104) سورة آل عمران، فَالْخَيْرُ يَشْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ يُرْغَبُ فِيهِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحَسَنَةِ وَكُلُّ مَا فِيهِ صَلَاحٌ دِينِيٌّ وَدُنْيَوِيٌّ وَهُوَ جِنْسٌ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: التَّرْغِيبُ فِي فِعْلِ مَا يَنْبَغِي وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ.

وَالثَّانِي: التَّرْغِيبُ فِي تَرْكِ مَا لَا يَنْبَغِي وَهُوَ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ. فَذَكَرَ الْحَقُّ جَلَّ وَعَلَا الْجِنْسَ أَوَّلًا وَهُوَ الْخَيْرُ , ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِنَوْعَيْهِ مُبَالَغَةً فِي الْبَيَانِ.

مَعْنَى الْمَعْرُوفِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ (?):

22 - ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ جُمْلَةَ مَعَانٍ لِلْمَعْرُوفِ بَيْنَهَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِوَاجِبَاتِ الشَّرْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِمَا طَلَبَهُ الشَّارِعُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ , وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ , وَصِلَةِ الرَّحِمِ , أَوْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ كَالنَّوَافِلِ وَصَدَقَاتِ التَّطَوُّعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ أَشْمَلَ وَأَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ (?): هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرِفَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إلَيْهِ , وَالْإِحْسَانِ إلَى النَّاسِ بِكُلِّ مَا نَدَبَ إلَيْهِ الشَّرْعُ , وَنَهَى عَنْهُ مِنْ الْمُحَسَّنَاتِ وَالْمُقَبَّحَاتِ , وَهُوَ مِنْ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ أَيْ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ النَّاسِ إذَا رَأَوْهُ لَا يُنْكِرُونَهُ , وَالْمَعْرُوفُ النَّصَفُ (الْعَدْلُ) وَحُسْنُ الصُّحْبَةِ مَعَ الْأَهْلِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ النَّاسِ (?)، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّفْسِيرِ (?): الْمَعْرُوفُ هُوَ مَا يَعْرِفُ كُلُّ عَاقِلٍ صَوَابَهُ , وَقِيلَ الْمَعْرُوفُ هَاهُنَا طَاعَةُ اللَّهِ.

أَقْسَامُ الْمَعْرُوفِ (?):

يَنْقَسِمُ الْمَعْرُوفُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

23 - أَحَدُهُمَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالثَّانِي: مَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015