أَمَّا لَوْ فَوَّضَ الْإِمَامُ قَطْعَ السَّرِقَةِ إلَى السَّارِقِ أَوْ وَكَّلَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ الْجَانِيَ فِي قَطْعِ الْعُضْوِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِاسْتِيفَائِهِ , وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ , لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِغَيْرِهِ أُزْجَرُ لَهُ (?).
وَقَدْ بَيَّنَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَئِمَّةِ مِنْ أَصْلِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ , وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا , وَمَا يَلْزَمُهُمْ فِي حِفْظِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَنْ النَّوَائِبِ , وَالتَّغَالُبِ , وَالتَّقَاطُعِ , وَالتَّدَابُرِ , وَالتَّوَاصُلِ , وَأَنَّ الْحُدُودَ بِجُمْلَتِهَا مَنُوطَةٌ إلَى الْأَئِمَّةِ وَاَلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الْأُمُورَ مِنْ جِهَتِهِمْ (?).
الشَّرْطُ السَّابِعُ: الذُّكُورَةُ (?).
17 - اشْتَرَطَتْ طَائِفَةٌ فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْحِسْبَةَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا , وَأَيَّدَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ , وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَقَالَ (?): إنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَتَأَتَّى مِنْهَا أَنْ تَبْرُزَ إلَى الْمَجَالِسِ , وَلَا أَنْ تُخَالِطَ الرِّجَالَ , وَلَا تُفَاوِضَهُمْ مُفَاوَضَةَ النَّظِيرِ لِلنَّظِيرِ , لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ فَتَاةً حَرُمَ النَّظَرُ إلَيْهَا وَكَلَامُهَا , وَإِنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً بَرْزَةً لَمْ يَجْمَعْهَا وَالرِّجَالَ مَجْلِسٌ تَزْدَحِمُ فِيهِ مَعَهُمْ , وَتَكُونُ مُنَظِّرَةً لَهُمْ , وَلَنْ يُفْلِحَ قَطُّ مَنْ تَصَوَّرَ هَذَا وَلَا مَنْ اعْتَقَدَهُ. وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَنْعِهَا مِنْ الْوِلَايَةِ بِحَدِيثِ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» (?)، وَقَالَ: فِيمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَدَّمَ امْرَأَةً عَلَى حِسْبَةِ السُّوقِ إنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ مِنْ دَسَائِسِ الْمُبْتَدِعَةِ (?).
وَأَجَازَ تَوْلِيَتَهَا آخَرُونَ لِمَا رويَ عَنْ أَبِي بَلْجٍ يَحْيَى بن أَبِي سُلَيْمٍ قَالَ: رَأَيْتُ سَمْرَاءَ بنتَ نَهِيكٍ، وَكَانَتْ قَدْ أَدْرَكَتِ أَدْرَكَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -:عَلَيْهَا دِرْعٌ غَلِيظٌ، وَخِمَارٌ غَلِيظٌ، بِيَدِهَا سَوْطٌ تُؤَدِّبُ النَّاسَ، وَتَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ (?).