أَوَّلُهَا التَّعْرِيفُ , وَالثَّانِي الْوَعْظُ بِالْكَلَامِ اللَّطِيفِ , وَالثَّالِثُ السَّبُّ وَالتَّعْنِيفُ , وَالرَّابِعُ الْمَنْعُ بِالْقَهْرِ بِطَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ , كَكَسْرِ الْمَلَاهِي وَنَحْوِهِ , وَالْخَامِسُ التَّخْوِيفُ وَالتَّهْدِيدُ بِالضَّرْبِ , ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا التَّعْرِيفُ وَالْوَعْظُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ , وَأَمَّا التَّجْهِيلُ , وَالتَّحْمِيقُ , وَالنِّسْبَةُ إلَى الْفِسْقِ , وَقِلَّةِ الْخَوْفِ مِنْ اللَّهِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فَهُوَ كَلَامُ صِدْقٍ , وَالصِّدْقُ مُسْتَحِقٌّ لِحَدِيثِ: {أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إمَامٍ جَائِرٍ} (?) فَإِذَا جَازَ الْحُكْمُ عَلَى الْإِمَامِ عَلَى مُرَاغَمَتِهِ فَكَيْفَ يُحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ؟!.

وَكَذَلِكَ كَسْرُ الْمَلَاهِي , وَإِرَاقَةُ الْخُمُورِ , فَإِنَّ تَعَاطِيَ مَا يُعْرَفُ كَوْنُهُ حَقًّا مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ , وَأَمَّا جَمْعُ الْأَعْوَانِ , وَشَهْرُ الْأَسْلِحَةِ فَذَلِكَ قَدْ يَجُرُّ إلَى فِتْنَةٍ عَامَّةٍ فَفِيهِ نَظَرٌ (?).

وَقَدْ ذَهَبَ إلَى اشْتِرَاطِ الْإِذْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَمْهَرَةُ الْعُلَمَاءِ , لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْفِتَنِ وَهَيَجَانِ الْفَسَادِ وخرابِ البلادِ (?).

وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِالْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهَا الْآحَادُ كَالْقِصَاصِ , فَإِنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى إلَّا بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ , لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِاسْتِيفَائِهِ مُحَرِّكٌ لِلْفِتَنِ , وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ لَا يَنْفَرِدُ مُسْتَحِقُّهُ بِاسْتِيفَائِهِ , لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فِي شِدَّةِ وَقْعِهِ وَإِيلَامِهِ. وَكَذَلِكَ التَّعْزِيرُ لَا يُفَوَّضُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ إلَّا أَنْ يَضْبِطَهُ الْإِمَامُ بِالْحَبْسِ فِي مَكَان مَعْلُومٍ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ , فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ الْمُسْتَحِقُّ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015