شُرُوطُ الْمُحْتَسِبِ (?):

11 - اشْتَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي صَاحِبِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ شُرُوطًا حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا , وَهَذِهِ الشُّرُوطُ هِيَ:

أَوَّلًا: الْإِسْلَامُ:

الْإِسْلَامُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الِاحْتِسَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلْطَنَةِ وَعِزِّ التَّحْكِيمِ , فَخَرَجَ الْكَافِرُ لِأَنَّهُ ذَلِيلٌ لَا يَسْتَحِقُّ عِزَّ التَّحْكِيمِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ تَعَالَى: { .. وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (141) سورة النساء، وَلِأَنَّ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ نُصْرَةً لِلدِّينِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ جَاحِدٌ لِأَصْلِ الدِّينِ (?).

الشَّرْطُ الثَّانِي: التَّكْلِيفُ (الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ):

12 - التَّكْلِيفُ طَلَبُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ وَشَرْطُهُ الْقُدْرَةُ عَلَى فَهْمِ الْخِطَابِ , وَصَلَاحِيَةِ الْمُكَلَّفِ لِصُدُورِ الْفِعْلِ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا , وَدِعَامَتُهُ الْعَقْلُ الَّذِي هُوَ أَدَاةُ الْفَهْمِ , وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَصْلًا لِلدِّينِ وَلِلدُّنْيَا فَأَوْجَبَ التَّكْلِيفَ بِكَمَالِهِ. فَالتَّكْلِيفُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الِاحْتِسَابِ وَتُوَلِّي وِلَايَتِهَا , أَمَّا مُجَرَّدُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ وَلَا يَلْزَمُهُ فِعْلُ ذَلِكَ , أَمَّا إمْكَانُ الْفِعْلِ وَجَوَازُهُ فِي حَقِّهِ فَلَا يَسْتَدْعِي إلَّا الْعَقْلَ فَإِذَا عَقَلَ الْقُرْبَةَ وَعَرَفَ الْمُنَاكِرَ وَطَرِيقَ التَّغْيِيرِ فَتَبَرَّعَ بِهِ كَانَ مِنْهُ صَحِيحًا سَائِغًا , فَلَهُ إنْكَارُ الْمُنْكَرِ , وَلَهُ أَنْ يُرِيقَ الْخَمْرَ , وَكَسْرُ الْمَلَاهِي , وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ نَالَ بِهِ ثَوَابًا , وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ، فَإِنَّ هَذِهِ قُرْبَةٌ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا كَالصَّلَاةِ وَالْإِمَامَةِ وَسَائِرِ الْقُرُبَاتِ , وَلَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوِلَايَاتِ حَتَّى يُشْتَرَطَ فِيهِ التَّكْلِيفُ , وَلِذَلِكَ جَازَ لِآحَادِ النَّاسِ فِعْلُهُ وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ , وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَسَلْطَنَةٍ , وَلَكِنَّهَا تُسْتَفَادُ بِمُجَرَّدِ الْإِيمَانِ كَقَتْلِ الْمُحَارِبِ , وَإِبْطَالِ أَسْبَابِهِ , وَسَلْبِ أَسْلِحَتِهِ فَإِنَّهُ لِلصَّبِيِّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَسْتَضِرُّ بِهِ , فَالْمَنْعُ مِنْ الْفِسْقِ كَالْمَنْعِ مِنْ الْكُفْرِ (?).

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْعِلْمُ

13 - الْعِلْمُ الَّذِي يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُهُ فِي الْمُحْتَسِبِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ لِيَعْلَمَ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ , فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِهَا رُبَّمَا اسْتَحْسَنَ مَا قَبَّحَهُ الشَّرْعُ وَارْتَكَبَ الْمَحْذُورَ وَهُوَ غَيْرُ مُلِمٍّ بِالْعِلْمِ بِهِ، وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بُلُوغُ مَرْتَبَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015