الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ , فَلَا يُقْدِمُ عَلَى الطَّاعَةِ إلَّا بِعِلْمٍ وَنِيَّةٍ , وَإِذَا تَرَكَهَا كَانَ عَاصِيًا , فَتَرْكُ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ مَعْصِيَةٌ , وَفِعْلُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْأَمْرِ مَعْصِيَةٌ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ (?).
حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْحِسْبَةِ (?):
8 - مَا بَرِحَ النَّاسُ - فِي مُخْتَلَفِ الْعُصُورِ - فِي حَاجَةٍ إلَى مَنْ يُعَلِّمُهُمْ إذَا جَهِلُوا , وَيُذَكِّرُهُمْ إذَا نَسُوا , وَيُجَادِلُهُمْ إذَا ضَلُّوا , وَيَكُفُّ بَأْسَهُمْ إذَا أَضَلُّوا , وَإِذَا سَهُلَ تَعْلِيمُ الْجَاهِلِ , وَتَذْكِيرُ النَّاسِي , فَإِنَّ جِدَالَ الضَّالِّ وَكَفَّ بَأْسِ الْمُضِلِّ لَا يَسْتَطِيعُهُمَا إلَّا ذُو بَصِيرَةٍ وَحِكْمَةٍ وَبَيَانٍ. وَلِمَنْعِ هَذَا شُرِعَتْ الدَّيَّانَاتُ , وَقَامَتْ النُّبُوَّاتُ وَظَهَرَتْ الرِّسَالَاتُ آمِرَةً بِالْمَعْرُوفِ , وَنَاهِيَةً عَنْ الْمُنْكَرِ , لِيَكُونَ الْأَمْنُ وَالسَّلَامُ , وَالِاسْتِقْرَارُ وَالنِّظَامُ , وَصَلَاحُ الْعِبَادِ وَالنَّجَاةِ مِنْ الْعَذَابِ. قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} (165) سورة الأعراف (?). وَمِنْ هَذَا كَانَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ سَبِيلَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ , وَطَرِيقَ الْمُرْشِدِينَ. الصَّادِقِينَ , وَمِنْهَاجَ الْهَادِينَ الصَّالِحِينَ , وَكَانَ أَمْرًا مُتَّبَعًا وَشَرِيعَةً ضَرُورِيَّةً وَمَذْهَبًا وَاجِبًا , سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَسُمِّيَتْ بِاسْمِ " الْحِسْبَةِ " أَوْ بِاسْمٍ آخَرَ كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ , وَقَدْ صَارَتْ بِسَبَبِهَا هَذِهِ الْأُمَّةُ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قَالَ تَعَالَى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (110) سورة آل عمران (?). وَرُوِيَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ