به غيره، وكان إكراه البائعين على ألا يبيعوا سلعهم إلا بثمن معين إكراهًا بغير حق، وإذا لم يكن يجوز إكراههم على أصل البيع فإكراههم على تقدير الثمن كذلك لا يجوز، وأما من تعين عليه أن يبيع فكالذي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قدر له الثمن الذي يبيع به ويسعر عليه، كما في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
"من أعتق شركًا له في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل لا وكس ولا شطط، فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد" 1.
فهذا وجب عليه أن يملك شريكه عتق نصيبه الذي لم يعتقه ليكمل الحرية في العبد قدر عوضه بأن يقوم جميع العبد قيمة عدل لا وكس ولا شطط، ويعطى قسطه من القسمة، فإن حق الشريك في نصف القيمة لا في قيمة النصف عند جماهير العلماء، كمالك وأبي حنيفة وأحمد، ولهذا قال هؤلاء، كل ما لا يمكن قسمه فإنه يباع ويقسم ثمنه إذا طلب أحد الشركاء ذلك، ويجبر الممتنع على البيع، وحكى بعض المالكية ذلك إجماعًا؛ لأن حق الشريك في نصف القيمة كما دل عليه هذا الحديث الصحيح، ولا يمكن إعطاؤه ذلك إلا ببيع الجميع.
فإذا كان الشارع يوجب إخراج الشيء من ملك مالكه يعوض المثل لحاجة الشريك إلى إعتاق ذلك، وليس للمالك المطالبة بالزيادة على نصف القيمة فكيف بمن كانت حاجته أعظم من الحاجة إلى إعتاق ذلك النصيب؟ مثل حاجة المضطر إلى الطعام واللباس وغير ذلك. وهذا الذي أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من تقويم الجميع بقيمة المثل هو حقيقة التسعير.
وكذلك يجوز للشريك أن ينزع النصف لمشفوع من يد المشتري بمثل الثمن الذي اشتراه به، لا بزيادة، للتخلص من ضرر المشاركة والمقاسمة، وهذا ثابت بالسنة المستفيضة وإجماع العلماء، وهذا إلزام له بأن يعطيه ذلك الثمن لا بزيادة، لأجل تحصيل مصلحة التكميل لواحد، فكيف بما هو أعظم من ذلك ولم يكن له أن يبيعه للشريك بما شاء؟ بل ليس له أن يطلب من الشريك زيادة على الثمن الذي حصل له به، وهذا في الحقيقة من نوع التولية.