وممن نسبوا الحسبة في أصلها ونشأتها إلى أصول غير إسلامية، وتابع الكاتب السابق فيما ذهب إليه موسى لقبال في مؤلفه (الحسبة المذهبية في بلاد المغرب العربي) مع بعض الإضافات، ومما قاله "وظهر أن هذه الوظيفة -يقصد وظيفة "أغورا توماس" أي: صاحب السوق- نقلت إلى بلاد الشرق في العصر الهيلنسي، وربما نقلت أيضًا إلى شبه جزيرة إيطاليا، ثم نقلت إلى بواسطة الرومان أنفسهم الذين أصبحوا سادة بلاد اليونان؛ لأننا عرفنا بين أنظمة الرومان نظام الكنسورة، وكان الكنسور موظفًا ساميًا م همته الرقابة العامة على الأسواق، وعلى الأخلاق، وعلى الإحصاء".

والواقع أن موسى لقبال لم يق دم المصادر التي استقى منها معلوماته هذه، كما أن مسألة الأخلاق والمراقبة عليها مسألة نسبية.

فإن الأخلاق والمُثُل الإسلامية تختلف كل الاختلاف عن تلك الأخلاق التي كانت سائدة في العصور الإغريقية والرومانية وغيرها، والواقع أن موسى لقبال قد ناقض نفسه كثيرًا عند الحديث عن الحسبة والمحتسب، وخلط بين المعلومات بصورة تومئ للقارئ عدم تمكن المؤلف من الفكرة التي يكتب عنها، فقد قال في بداية حديثة: إن في القرآن الكريم آيات كثيرة تدعو إلى الأمر والمعروف والنهي عن المنكر، وفي سيرة الرسول الكريم ما يفيد أنه مارس مهام المحتسب.

ثم نلاحظ أنه لم يقف عند هذا الحد بل أضاف يقول: "وأشرت إلى أن نشأتها في الدولة الإسلامية العربية كنوع من التأثر بما عُرف عند الإغريق في نظام الأغورا توماس الذي يشير إلى صاحب السوق عند الرومان في نظام الكنسورة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015