يقول اللواء عبد العزيز محمد الأحيدب واصفًا ما وصلت إليه البلاد في تلك الحال آنذاك: "فالقوي يبطش بالضعيف، والتاجر لا يأمن على أمواله وتجارته، والمسافر لا يأمن على زوجه وحياته، ورب الأسرة لا يأمن على أفراد عائلته، والقبيلة لا تأمن على كيانها من القبيلة الأخرى من ذعر ورعب أقل ما يقال عنها: إنها البدائية المفرطة في حدتها، والجهالة البالغة التي لا حد لفتكها، وهذا كله ناتج عن غياب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم وجود سلطة قوية تقوم على ذلك الأمر، وتحفظ على الناس أمنهم، وتقيم فيهم حدود الله تعالى، وتحكم بينهم بالعدل على هدي من كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- مما جعل الأشرار والفساق يعيثون في الأرض فسادًا، وقد استفحل شرهم، وتطاول بطشهم بالضعفاء والمساكين، فكانوا يسلبون وينهبون الأموال، بل حتى الملابس التي تستر عورات الناس، وينتهكون الأعراض ويسفكون الدماء من غير وازع من إيمان، أو رادع من سلطان، أو خوف من عقاب، حيث لم يكن هناك من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أو ينصر الضعيف، وذلك لبعد الناس عن دينهم، وجهلهم، وضعفهم أمام تسلط الأشرار واللصوص من أبناء البادية".

وقد ذكر المؤرخون أنواعًا شتى من العقوبات التي حلت بالناس في ذلك الزمان، والتي تناقلها الرواة وكتب عنها المؤرخون، وأفاضوا في وصف حالة الضيق والضنك والفقر والفتن والحروب، واختلال الأمن والمجاعات التي مرت بالناس في تلك الأيام، ومن ذلك: انتشار الخوف والقتل واختلال الأمن، فكانت البلاد قبل توحيدها مرتعا للفتن والقلاقل، وذلك لضعف الوازع الديني في النفوس من ناحية، ولضعف السلطة الحاكمة في كل إقليم من أقاليمها، وعجزها عن حفظ النظام والأمن، وإقامة الحدود الشرعية على المتعدين على حدود الله -عز وجل- من ناحية أخرى، حيث كانت القبائل تغير بعضها على بعض، فتقتل الرجال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015