ثم يقول صاحب (نصاب الاحتساب): "ويحتسب على الحرة بأن تمنع من كشف وجهها والكف والقدم فيما يقع عليها نظر الأجنبي، ويحتسب عليها ألا تزور قبرًا؛ فقد روى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه قال: ((لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زوارات القبور)).
ويحتسب على المرأة إذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه للحمّام -والحمّام قديمًا ليس هو الحمّام الذي يعرفه الناس اليوم داخل بيوتهم، الحمّام في قديم الزمان كان مكانًا عامًّا للاغتسال في المدن الكبيرة- أو خرجت غير مقنعة، وأما إذا خرجت للحمام بإذن زوجها مقنعة بعذر بأن كانت مريضة أو نفساء يباح لها.
ويحتسب عليها عدم الركوب على السرج إلا بعذر؛ كالحج والعمرة والجهاد إذا كانت مستترة، ويحتسب عليهن بعدم الضرب بأرجلهن عند اتخاذ الخلاخل في أرجلهن؛ لأن مبنى حالهن على الستر، وفيه -أي: الخلخال- إظهار لزينتهن الواردة في قول الله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}.
ويحتسب على الرجل والمرأة إذا كانا في خلوة، وكانا أجنبيين عن بعضهما، وإذا سمع والي الحسبة بامرأة عاهرة أو مغنية استتابها عن معصيتها؛ فإن تابت وإلا عزرها ونفاها من البلد، ويحتسب على المعتدات من النساء عن موت أو طلاق بائن أن يتجنبن الزينة؛ كالكحل، والحناء، والتحلي، والطيب، ولبس المطيب، والمصبوغ بالمعصفر، والزعفران، إلا إذا كان غسيلًا لا ينفض.
ويحتسب على المرأة ألا تقص شعرها كالرجل، ذكر في (النوازل) في كتاب النكاح، وسئل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- عن امرأة قطعت شعرها قال: عليها أن تستغفر الله وتتوب، ولا تعود إلى مثله. قيل: فإن فعلت ذلك بإذن زوجها؟ قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قيل له: لم لا يجوز ذلك؟ قال: لأنها