للمسلمين وفجره على نفسه، وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه على المسلمين فيغزى مع القوي الفاجر". وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر))، وكان -صلى الله عليه وسلم- يحث على الانضواء تحت لواء الأمراء حتى ولو رأى المسلم من أميره ما يكره، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كره من أميره شيئًا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرًا مات ميتة جاهلية)).
وعلى هذا فلا يحل للمسلم أن يخلع بيعة أميره ويخرج من الطاعة إلا أن يرى كفرًا بواحًا معه عليه من الله برهان، كما جاء في الحديث عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: ((دعانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبايعنا، وفيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان)).
وقد جاء في شرح هذا الحديث عند النووي -رحمه الله- أنه قال: "أي لا تنازعوا ولاة الأمور ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرًا محققًا تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم، وقولوا بالحق حيثما كنتم".
إن ما يتحمله الإمام والراعي من مسئوليات وأعباء في رعاية شئون الأمة تجعله دائمًا بحاجة إلى النصح، والتذكرة، والأمر، والنهي؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))، وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه)).
والحاكم بغض النظر عن رتبته ووظيفته أخ للمسلم في الإسلام، ولا شك أن تلك الأخوة قائمة بين الحاكم والمحكوم، والقيام بحقوقها من أحدهما للآخر