وثانيًا: لمحاسبة، بل ومعاقبة من يتهاون عن ذلك.
وحتى لا يتداخل عمل المحتسب مع عمل عامل الصدقة الذي له الحق في المطالبة بأدائها، وله الحق في تعزير ممتنع عن إخراجها، فالزكاة -كما علمنا- حق المال، وهذا الجابي مندوب من قبل بيت مال المسلمين لأخذها، ولأن الزكاة في الإسلام صنفان على وجوه العموم، وذلك بالنسبة لتصنيف الأموال، فالأموال قسمان: أموال ظاهرة، وأموال خفية:
فالظاهرة هي ما لا يمكن إخفاؤه مثل: الزروع، والثمار، والمواشي.
وأما الخفية: فهي ما يمكن إخفاؤه كالذهب، والفضة، وما يقوم مقامهما.
وما هو من اختصاص المحتسب من هذين القسمين هو الأموال الخفية، فإن هذه الأموال لا تدخل في مهام عامل الصدقات، وإنما يتولى ذلك المحتسب، وإذا امتنع قوم من أداء الزكاة إلى الإمام العادل جحودًا لها؛ كانوا بالجحود مرتدين، يجري عليهم حكم أهل الردة، ولو امتنعوا من أدائها مع الاعتراف بوجوهها كانوا من بغاة المسلمين، يقاتلون على المنع منها، كما فعل خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر -رضي الله عنه.
كما أن على المحتسب، وهو يتابع إقامة المسلمين لشرع ربهم، ويحملهم على تطبيق ذلك، فإن له ما يتعلق بصيام شهر رمضان صورة حسبية، عليه أن يمارس احتسابهم من خلالها، ومن أول هذه الصور: أن يقوم باستغلال الوسائل الإعلامية مسموعة، أو مرئي، أو مكتوبة؛ ليبين للناس فضل الصوم، ويحثهم على تأدية هذا الركن، وليكن استغلاله لوسائل الإعلام المتاحة دائمًا لهذا وغيره.