شرب الخمر أعظم من شرب الدخان، فهنا لا ننهاه، بل نعالجه بالتي هي أحسن؛ لئلا يؤول الأمر إلى ما هو أنكر وأعظم.

ويذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- مر بقوم في الشام من التتار، ووجدهم يشربون الخمر، وكان معه صاحب له، فمر بهم شيخ الإسلام ولم ينههم، فقال له صاحبه: لماذا لم تنههم؟ قال: لو نهيناهم لذهبوا يهتكون أعراض المسلمين، وينهبون أموالهم، وهذا أعظم من شربهم الخمر، فتركهم مخافة أن يفعلوا ما هو أنكر وأعظم، وهذا لا شك أنه من فقهه -رحمه الله.

فالمهم أنه يشترط لوجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ألا يتضمن ذلك ما هو أكبر ضررًا، وأعظم إثمًا، فإن تضمن ذلك، فإن الواجب دفع أعلى المفسدتين بأدناهما، ودفع أكبرهما بأصغرهما، وهذه قاعدة مشهورة معروفة عند العلماء.

لا يجوز الخروج على السلطان بالقوة وحمل السلاح، وإن ظهر منه شيء من الفسوق

وبناء على هذه القاعدة نستطيع أن نفهمه لماذا قال العلماء: لا يجوز الخروج على السلطان بالقوة وحمل السلاح، وإن ظهر منه شيء من الفسوق؟ لأن الغالب في هذا الخروج حصول مفاسد أعظم من مفسدة فسقه، وحيث كانت المفسدة أعظم لم يجز الاحتساب، كما أن الإمام لا يزال في دائرة الإسلام، ولم يخرج منه بفسقه، فيبقى له حق الطاعة على الرعية، ما لم يأمر بمعصية، فلا يستوجب الاحتساب عليه بالقوة، وحمل السلاح، وإحداث الفتنة، والاقتتال بين المسلمين.

ولذلك قال الإمام الطحاوي -رحمه الله- في العقيدة التي نسبت إليه (العقيدة الطحاوية)، وهي عقيدة أهل السنة والجماعة، قال -رحمه الله-: "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015