والجواب: أن الشريعة الإسلامية دلت على أن الإجماع حجة معتبرة، فإذا أخذنا بما رآه المسلمون حسنًا فأمرنا به، وبما رأوه قبيحًا فنهينا عنه، فإنما نأخذ بدليل الإجماع، وهو دليل شرعي أرشدتنا إليه الشريعة، وكذلك أخذنا بالعرف الصحيح، هو اتباع بما أرشدتنا إليه الشريعة من مراعاة العرف الصحيح.
أما شروطه: فقد قال ابن النحاس في (تنبيه الغافلين): "يشترط في الفعل الذي يجب إنكاره: أن يكون منكرًا، سواء كان صغيرة أو كبيرة؛ إذ لا يختص وجوب الإنكار بالكبائر دون الصغائر، ولا يشترط في كونه منكرًا أن يكون معصية، فإن من رأى صبيًّا أو مجنونًا يشرب الخمر، فعليه أن يريق خمره، ويمنعه من شربه، وكذا من رأى مجنونًا يزني بمجنونة، أو بهيمة، وجب عليه منعه، وإن كان في خلوة، وإن كان هذا لا يسمى في حق المجنون معصية.
ويشترط أيضًا: أن يكون المنكر موجودًا، يعني: مستمرًّا، فمن فرغ من شرب الخمر مثلًا لم يكن لآحاد الرعية الإنكار عليه بغير الوعظ إذا صحا من سكره، بل الأفضل لمن رآه، أو علم به أن يستر عليه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة)).
ومحل الستر: فيما إذا لم تصل الحدود إلى الحكام، فإذا وصلت إليهم بالطريق الشرعي لم يجز ستره، وتحرم الشفاعة فيه؛ للحديث المشهور: أن أسامة بن زيد لما كلم النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأن المرأة المخزومية التي سرقت؛ غضب عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: ((أتشفع في حد من حدود الله؟! ثم قام فخطب الناس ثم قال: وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)).