والاحتساب ليس على الأجهزة والآلات وسائر الوسائل، ولكن الاحتساب على من يشغل، ويستخدم هذه الأجهزة والوسائل.

فإن الواقع الذي عليه الإعلام اليوم في كثير من البلاد الإسلامية سلبي في كثير من جوانبه تجاه الأمة، وتوجيه النشء فيها؛ مما حدا بالمؤتمر الإسلامي العالمي الذي عقد في المدينة النبوية في عام ألف وثلاثمائة وسبعة وتسعين أن يندد بهذا الوضع القائم للإعلام، حيث كان ضمن توصيات المؤتمر: إن المؤتمر يندد بالهوة السحيقة التي تردى إليها إعلامنا، ولا يزال يتردى، فبدلًا من أن يكون الإعلام في بلدنا منبر دعوة إلى الخير، ومنار إشعاع للحق، صار صوت إفساد، وسوط عذاب عن علم من القائمين به أو عليه، أو عن جهل منهم، وسكت القادة فأقروا بسكوتهم أو أجازوا ذلك؛ فشجعوا، وخفت صوت الدعوة وسط ضجيج الإعلام الفاسد، وزلزل الناس في إيمانهم، وأخلاقهم، وقيمهم، ومثلهم.

ولم يعد الأمر يحتمل السكوت؛ ولذا كان على أولي الأمر الواجب الأكبر، ولهم الكلمة الأخيرة، وحسبنا الله، ولهذا نقول -والحال للإعلام ما تقدم-: إن من أهم وأولى طرق الاحتساب على الإعلام، هو محاولة وضع موطئ قدم فيه لأهل الاحتساب، ونقصد بأهل الاحتساب هنا: المتطوعين؛ فإن وجود أهل الخير في الإعلام بداية للتصحيح والصيانة؛ لاستغلال هذه الوسيلة لبث الخير، بدعوة الناس إلى دين الله، وتعليمهم، وإبلاغهم تعاليم ربهم، وسنة نبيهم، وكفى بهذه المهمة شرفًا ورفعة، وكفى بها وسيلة ناجحة في الاحتساب على وسائل الإعلام المختلفة.

فإذا تم الاحتساب عليها هي أولًا؛ أمكن بعد ذلك تسخيرها لتكون وسيلة فعالة من الوسائل التي تسند عمل المحتسب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015