وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ سواء في ذلك ولاية الحرب الكبرى مثل نيابة السلطنة، والصغرى مثل ولاية الشرطة وولاية الحكم، أو ولاية المال، وهي ولاية الدواوين المالية، وولاية الحسبة.

لكن من المتولين من يقوم بمنزلة الشاة للمؤتمن والمطلوب منه الصدق، مثل الشهود عند الحاكم، ومثل صاحب الديوان الذي وظ يفته أن يكتب المستخرج والمصروف، والنقيب والعري ف الذي وظيفته إخبار ذي الأمر بالأحوال، ومنهم من يكون بمنزله الأمير المطاع والمطلوب منه العدل، مثل: الأمير والحاكم والمحتسب، وبالصدق في كل الأخبار والعدل في الإنشاء من الأقوال والأعمال تصلح جميع الأحوال، وهما قرينان كما قال الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} (الأنعام: 115).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر الظلمة ((من صدقهم بكذبهم وأعانه م على ظلمهم؛ فليس مني ولست منه، ولا يرد علي الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم؛ فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض)).

وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحري الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الر جل يكذب ويتحري الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا)).

ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} (الشعراء: 221، 222)، وقال سبحانه: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَة * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} (العلق: 16، 17)، فلهذا على كل ولي أمرًا أن يستعين بأهل الصدق والعدل، وإذا تعذر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015