المرسلة بدعاً، لأنها لم تدخل بأعيانها تحت النصوص المعينة، ولكنها تلائم قواعد الشرع. فمن هنالك جعل القواعد هي الدالة على استحسانها مع تسميته لها بلفظ البدع؛ واستحسانها من حيث دخولها تحت القواعد، ولما بني على اعتماد تلك القواعد استوت عنده مع الأعمال الداخلة تحت النصوص المعينة، وصار من القائلين بالمصالح المرسلة وسماها بدعاً في اللفظ كما سمى عمر الجمع في قيام رمضان في المسجد بدعة، وكما سيأتي إن شاء الله.
أما القرافي فلا عذر له في نقل تلك الأقسام على غير مراد شيخه وعلى غير مراد العلماء لأنه خالف الكل في ذلك التقسيم فصار مخالفاً للإجماع)) .
ثم قال أبو إسحاق: ((وأما قسم المندوب فليس من البدع بحال وتبيين ذلك بالنظر في الأمثلة التي مثل لها بصلاة التراويح في رمضان جماعة في المسجد، فقد قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد واجتمع الناس خلفه.
فخرجه أبو داود عن أبي ذر قال: ((ضمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة،