ولم تختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها، وأنهم المرادون بقول الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (?) وأجمعوا أن الأعمى لابد له من تقليد غيره ممن يثق بمعرفته بالقبلة – إذا أشكلت عليه – فكذلك من لا علم ولا بصر له بمعنى ما يدين به، لا بد له من تقليد غيره، وكذلك لم يختلف العلماء أن العامة لا يجوز لها الفتيا، وذلك – والله أعلم – لجهلها بالمعاني التي فيها يجوز التحليل والتحريم، والقول في العلم.
وقد نظمت في التقليد وموضعه أبياتا رجوت في ذلك جزيل الأجر لما علمت أن من الناس من يسرع إلى حفظ المنظوم ويتعذر عليه المنثور وهي من قصيدة لي:
يا سائلي عن موضع التقليد خذ
واصغ إلى قولي ودن بنصيحتي
لا فرق بين مقلد وبهيمة
تبا لقاض أو لمفت لا يرى
فإذا اقتديت فبالكتاب وسنة الـ
ثم الصحابة عند عدمك سنة
وكذلك إجماع الذين يلونهم
إجماع أمتنا وقول نبينا
وكذا المدينة حجة إن أجمعوا
وإذا الخلاف أتى فدونك فاجتهد
وعلى الأصول فقس فروعك لا تقس
والشر ما فيه فديتك أسوة
من الجواب بفهم لب حاضر
واحفظ علي بوادري ونوادري
تنقاد بين جنادل ودعائر
عللا ومعنى للمقال السائر
مبعوث بالدين الحنيف الطاهر
فأولاك أهل نهى وأهل بصائر
من تابعيهم كابرا عن كابر
مثل النصوص لدى الكتاب الزاهر
متتابعين أوائلا بأواخر
ومع الدليل فمل بفهم وافر
فرعا بفرع كالجهول الحائر
فانظر ولا تحفل بزلة ماهر