بطلبه في الغالب، أي أنه لا يؤثر ضرًا إلا إذا خلّى الله تعالى بين الساحر وبين ما أراد، وقد لا يكون ذلك، قال تعالى: [البَقَرَة: 102] {وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} . إذًا فالسحر يؤثر بعلة عادية، وليس سببًا مولِّدًا مُوجبًا للحدوث، لذا فإنه يمكن إبطال وصوله ابتداءً بوجود مانع من تحصّنٍ بذكر الله، كما يمكن إبطال أثره بعد وقوعه برقية شرعية، أو دعاء مشروع، ونحوه، والله أعلم.

(ضارًّا غير نافع) : قال تعالى: [البَقَرَة: 102] {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ} ، [أي: يضرهم في دينهم، وليس له نفع يوازي ضرره] (?) ، لكنْ، هل للسحر نفع؟ الواقع أن السحر شر محض وضر خالص على الساحر في دينه وعاقبة أمره، حيث إنه تعمُّدٌ لإيقاع أذى بالمسحور، وهو ضرّ عظيم له - عياذًا بالله - لكن مع ذلك كله فإن الساحر يُفتَن بتعلم السحر، ليجني بعمله متاعًا من الدنيا قليل من تحصيل مال، أو كسب جاه، ولو كان ذلك مقابل خسرانه نصيبه من نعيم الآخرة! بالمقابل فإن المسحور مع عظم ما نزل به من ضرّ، فإنه يبتلى بذلك، وهو يجني نفعًا عظيمًا بصبره على ذلك وتعلقه بقدرة الله في كشف الضر عنه.

أما تقييد الأمر الخارق بكونه ضارًا غير نافع، فذلك ليخرج به نحو معجزةٍ لنبيٍّ أو كرامةٍ لوليّ، فإن في المعجزة إظهار الحق بالتدليل على صدق دعوى النبوة، وإثبات وجوب الإيمان بمن أتى بها، مع لزوم اتباعه، وفي ذلك ما لا يخفى من عظيم النفع في الدارين، كما أن في الكرامة للولي تصديق النبيِّ الذي سار الوليُّ بحسن اتباعه والتأسي به، وفي ذلك من النفع باستمرار اتباع الخلق للرسالة ما فيه، فضلاً عما تتضمنه الكرامة من بشرى للوليِّ ودلالةٍ على محبة الله له، ومزيد عنايته به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015