فائدة: إن ما ذكر سابقًا من أن أثر السحر الذي أصاب النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو من جنس الأمراض التي تتسلط على ظاهر الجسد قد جاءت الإشارة إليه في لفظ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فإنه [لم يُرو عنه صلى الله عليه وسلم إلا الحديث الدالّ على المرض، بدليل قوله في مراجعة الملكين الكائنين في صفة رجلين: ما وجع الرجل، فقال المجيب منهما: مطبوب؛ وقوله صلى الله عليه وسلم بعدما أخرج المشط والمشاطة وما معهما مما عمل فيه السحر: (قد عافاني) وفي رواية (وشفاني) . ففي نفس الحديث التصريح بالوجع وبالمعافاة منه، فدلّ هذا على أنه مجرد مرض وليس في لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صار يخيل إليه فعل ما لم يفعله، وتعبير عائشة رضي الله عنها بذلك إنما هو على حسب ما ظهر لها أنه تخيّل] (?) .
كذلك فإن في قوله صلى الله عليه وسلم: «من تصبّح سبع تَمْرات عجوةً لم يضرُّه ذلك اليوم سُمّ ولا سِحر» (?) . تلميح إلى مشابهة أثر السحر والسم في أن كلاً منهما ضارّ بالإمراض، وأنه يتداوى منهما، وليس بالضرورة أن يُذهِب السحرُ بالعقل، أو يُزهِق السمُّ الروح. وانظر بعدها - رحمك الله - إلى فقه الإمام البخاري رحمه الله، حيث جعل حديث السحر في كتاب الطب في صحيحه، ثم جعل بابًا في كتاب الطب: الدواء بالعجوة من السحر، ما يشير إلى أن من أثر السحر والسم إحداث ما يُمرِض، وأن عجوة المدينة يتداوى بها من جميع ذلك، والله أعلم.
مسألة: متى عُمِل السحرُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؟
[لمّا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي الحجة، ودخل المحرَّمُ من سنة سبعٍ جاءت رؤساء يهودَ الذين بقوا بالمدينة ممن يُظهِر الإسلام، وهو