في أمر التشريع. وبذلك يتحصل - مما سبق - سلامة متن هذا الحديث من الاضطراب، بحسب ما قرره علماء هذا الفن من ضبطٍ للحُكم باضطرابٍ أو عدمه، ولله الحمد والمنة.

ولننظر بعدُ في شبهة قوية، قضت - بزعم معتقِدِها - بأن حديث السحر موضوع لا أصل له!! فقد أنكر قوم أن للسحر أثرًا في نفس المسحور من غير اتصال به ولا مماسة، وعليه فقد حكموا بوضع هذا الحديث، حيث إن متنه ينصّ على أن لبيد بن الأعصم قد أثّر في تخيل النبيِّ صلى الله عليه وسلم في فعله للأشياء دون أن يكون قريبًا منه مماسًّا له صلى الله عليه وسلم.

وفي مثل ذلك يقال: إن ظاهر نصوص الشريعة تقرر حصول أثر الساحر إذا قال الساحر عزائم، أو نفث في عقد، بل بحصول أثر العائن والحاسد من غير تلفّظ، بل بمجرد التشهّي لحصول نعمة، أو إعجاب بما حظي به المَعين من نعمة!! فكيف يُنكَر حصول أثر السحر عن بُعدٍ، وقد قال تعالى: [البَقَرَة: 102] {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} وقال سبحانه: [الفَلَق] {وَمِنْ شَرِّ النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ *وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ *} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وإذا استُغسِلتم فاغسلوا» (?) ، ثم إن النبيَّ عليه الصلاة والسلام قد أذن بالاسترقاء من العين، وبالتداوي بعجوة المدينة للسحر (?) . كل ذلك دالّ - ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015