الفصل الرابع
السحر؛ باعتباره ظاهرةً اجتماعية
تمهيد:
يعتبر علم السحر، والاشتغال به، من الأمور التي حظيت باهتمام المجتمعات الإنسانية قديمًا وحديثًا، حيث إنه من العلوم التي يكتنفها الغموض، وتحيط بها هالة من التعظيم، النابع من خوف الإنسان بعامة مما يكون خفيًا عن حواسه، وهو يعتقد مع ذلك أنه قد يتسبب له بخطر محدق. لذا، فإن معرفة شيء ما عن هذه الظاهرة سرعان ما يستهوي كثيرًا من الناس، وذلك بسبب ما يسمى - في علم النفس - بالوحدة النفسية بين البشر، فالشعوب على اختلافها تعرف طقوس السحر وطلاسمه وتعاويذه، والمجتمعات تنقسم فيما بينها بين من ينظر إلى هذه الظاهرة باعتبارها وسيلة لمعرفة آثارها، أو وسيلة للتسلية وإشباع رغبة النفس بالاستطلاع على المغيبات، وبين من يعتبرها أساسًا يبني عليها حياته، وتكون محور اهتمامه ومأخذ تفكيره (?) . وسنبحث - إن شاء الله - في هذا الفصل باختصار تأريخ السحر، مع بيان أثر السحرة وأعمالهم في المجتمعات، والعلاقة الوطيدة بين انحراف الشباب خاصة، وبؤر السحر والشعوذة، وسبيل الخلاص من ذلك.
وعليه، فإن الفصل يحوي أربعة مباحث تتناول الآتي:
أولاً: لمحة تأريخية عن السحر لدى الشعوب.
ثانيًا: الوظيفة الاجتماعية لظاهرة السحر.