والحديث يحث على هجر الفسق والعصيان، وفيه أيضًا: أن عدم الإيذاء علامة ظاهرة من علامات المسلم، وليس معنى ذلك أن من سلم المسلمون من لسانه ويده يكون كامل الإسلام، وإن قصر في الواجبات الأخرى؛ فظهور علامة قد تكون غير معبرة عن باطن حقيقي لا تثبت بها الحقيقة الكاملة، نعم من لم يسلم المسلمون من أذاه لا يكون مسلمًا كامل الإسلام، وإن كان مسلمًا في الجملة.
ولقد كتب الشيخ سيد سابق -رحمه الله تعالى- كلامًا طيبًا مفيدًا تحت عنوان "ثمار الإيمان" في كتابه القيم (العقائد الإسلامية) من ص74 إلى 78 يحسن بنا أن أقرأها عليكم، يقول تحت عنوان "ثمار الإيمان":
وإذا عرف الإنسان ربه من طريق العقل والقلب؛ أثمرت له هذه المعرفة ثمارًا يانعة وتركت في نفسه آثارًا طيبة ووجهت سلوكه وجهة الخير والحق والسمو والجمال وهذه الثمار نجمل بعضها في ما يلي:
1 - تحرر النفس من سيطرة الغير؛ وذلك أن الإيمان يقتضي الإقرار بأن الله هو المحيي المميت الخافض الرافع الضار النافع، قال تعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف: 188) إن الذي عوق البشرية عن النهوض حال بينها وبين الرقي والخضوع للاستبداد سواء أكان هذا الاستبداد استبدادًا سياسيًّا للحكام، والرؤساء أم استبدادًا كهنوتيًّا لرجال الدين والكهنوت، وبتقرير الإسلام لهذه الحقيقة قضى على هذا الأسر، وأطلق حرية الإنسان من سيطرة هؤلاء المستبدين التي لازمته قرونًا طويلة.