وهذا كله مبني على أن العدد مقصود محدد أما من يرى أن العدد هنا للتكثير غير مراد تحديده فلا إشكال في اختلاف الروايات فإن قيل رب حياء يمنع عن قول الحق أو فعل الخير كي يحجم صاحبه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فكيف يكون مثل هذا شعبة من الإيمان قلنا إن مثل هذا ليس بحياء شرعي، بل عجز ومهانة، وإنما تسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف من حيث إنه انقباض من خوف أن يذم فهو يشبه الحياء، وليس بحياء شرعي.
فالحياء الشرعي خير كله، والحياء الشرعي لا يأتي إلا بخير فالتغير والانكسار الذي يعتري الإنسان من خوف ما يعاب عليه منه الشرعي الممدوح الموصوف بالسكينة والوقار، فالتغير، والانكسار الذي يعتري الإنسان من خوف ما يعاب عليه منه الشرعي الممدوح الموصوف بالسكينة والوقار، ومنه المذموم غير الشرعي، فإن كان الانقباض عن محرم فهو واجب، وإن كان عن مكروه فهو مندوب.
أما الانقباض عن واجب أو مندوب فليس حياء شرعيًّا، ومنه انكسار النفس وانقباضها عن السؤال في العلم مع الحاجة إلى السؤال، والحياء الشرعي درجات أعلاها أن يستحي المتقلب في نعم الله أن يستعين بها على معصيته وفيه يقول -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: ((استحيوا من الله حق الحياء، قالوا: إنا نستحيي والحمد لله، فقال: ليس ذلك، وإنما الاستحياء من الله تعالى حق الحياء أن تحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وأن تذكر الموت والبلى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء.
ويؤخذ من هذا الحديث تفاوت مراتب الإيمان وأن الأعمال مع انضمامها إلى التصديق داخلة في مسمى الإيمان ثم يحث الحديث على التخلق بخلق الحياء ولقد