أي: إن الذين آمنوا بالله إيمانًا حقًّا، واستقاموا على الطريق الذي رسمه الله لعباده إن الملائكة تتنزل عليهم عند الموت، وتقول لهم: لا تخافوا مما أمامكم من أهوال القبر، وعذاب الآخرة، ولا تحزنوا على ما تركتم، وراءكم من أموالٍ وأولادٍ، وأبشروا بالجنة التي وعدكم الله بها؛ فإنما يمتنهون الفسقة، ويضربون وجوههم، وأدبارهم. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} (النساء: 97)، وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} (الأنفال: 50).
أيضًا مما يجب للملائكة من حق علينا أن نؤمن بهم بعد ما تحدثنا عن كل ما مر فإنه تحت هذا العنوان كتب الأستاذ سيد سابق في كتابه العظيم (العقائد الإسلامية) كتب تحت عنوان الإيمان بالملائكة، قال: وإذا كان هذا هو شأن الملائكة في عالم الروح، ودورهم الإيجابي في الكون والطبيعة وإذا كانت هذه هي صلتهم بالإنسان في هذا العالم، وفي العالم الذي يأتي بعده كان من الواجب الإيمان بوجودهم، ومحاولة الاتصال بهم عن طريق تزكية النفس، وتطهير القلب، وعبادة الله عبادة خاشعة، وفي الاتصال بالملائكة سمو للروح، وتحقيق للحكمة العليا التي خلق الله الإنسان من أجلها، وهي أداء أمانة الحياة، والقيام بالخلافة عن الله في الأرض؛ ولهذا كان الإيمان بالملائكة من البر. ومن دلائل الصدق والتقوى قال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ} (البقرة: 177).
إن الإيمان لا يكون له حقيقة إلا إذا آمن الإنسان بهذا العالم الروحي إيمانًا لا يتطرق إليه الشك، ولا تتسرب إليه الظنون، وهذا هو منهج الأنبياء والمؤمنين الذين انكشفت الحقائق أمامهم، وأمام أبصارهم؛ فأدركوا من الكون ما لا