((وأن يشمته إذا عطس، وأن ينصحه إذا استنصحه)) والنصيحة جعلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدين كله؛ ليبين مكانتها؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة)) قال الراوي قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)) أي ليس هناك كبير على النصيحة، والنصيحة لله؛ أي تكون النصيحة خالصة لله -سبحانه وتعالى- ولصالح دين الله، والنصيحة لرسول الله؛ أي تكون خالصة لصالح شرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والنصيحة لكتاب الله؛ أي تكون الدعوة لحفظ كتاب الله، والعمل لكتاب الله.
وعن جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- قال: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم. حديث متفق عليه.
ولقد جاءت آيات كريمة في النصح؛ فقال تعالى إخبارًا عن نوح - عليه السلام -: {وَأَنصَحُ لَكُمْ} (الأعراف: 62) وعن هود - عليه السلام -: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} (الأعراف: 68) فتقديم النصيحة وإسداء النصح خلق فاضل كريم دعت إليه كل الشرائع السماوية، وتنزلت به الكتب السماوية، وتردد كثيرًا على ألسنة الرسل.
والنصيحة هي الكلمة الجامعة الوحيدة للدلالة على الخير، والتحذير من الشر والوقوع فيه، تكررت على لسان سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل النصيحة للناس هي الدين كله، وتكون النصيحة لله؛ أي لدينه -سبحانه وتعالى- وتكون خالصة له - سبحانه عز وجل - وتكون لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ أي لصالح دينه وشخصه ورفعة شريعته وإعلاء سنته والدعوة إلى العمل بالسنة وحفظها، وتكون لكتاب الله بحفظه وتعليمه وتعلمه وفهمه ودراسته والعمل به والسير على تشريعاته، وتكون لأئمة المسلمين من أمراء وعلماء؛ فلا كبير على النصيحة، وتكون لعامة الأمة في دعوتها إلى الرشد والرشاد وترك الغي والضلال والظلم والفساد والدعوة إلى العمل بشرع الله تعالى.