ومن هذه الأخلاق ما نحن بصدده الآن؛ وهو الصدق، فالصدق خلق نبيل فاضل دعت إليه كل الشرائع السماوية في كتبها وعلى ألسنة رسلها، ثم جاء الإسلام فأكد على هذا الخلق النبيل في كتابه الكريم، وعلى لسان سيد الأولين والآخرين رسول الإسلام والسلام سيدنا محمد - عليه الصلاة وأفضل السلام.
الصدق مع الله، والصدق مع رسول الله، والصدق مع النفس، والصدق مع الناس؛ إن الصدق بكل أشكاله وألوانه دعا إليها الإسلام ورسول الإسلام، روى الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - بسنده عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر ... )) ومر الحديث قريبًا.
إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا إلى الصدق وعدم اتباع الظن والأوهام، بل يجب أن يكون المسلم صادقًا مع نفسه يسعى إلى اليقين ويعيش حياته باليقين ومع اليقين لقد قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؛ قضى بأن الظن أكذب الحديث وحذر المسلمين منه؛ لأن عاقبته وخيمة قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا)).
من أبرز صفات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل مبعثه أنه عرف بالصادق الأمين؛ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صادقًا في حديثه، صادقًا في تجارته، صادقًا في كل أحواله؛ وهذا الصدق هو الذي جعل هرقل يجزم بأنه نبي الله حق ًّ ا، وأنه النبي المنتنظر، وأنه سيملك موضع قدميه، وأن الخير كل الخير في اتباعه؛ إذ قال لأبي سفيان: هل يكذب محمد في حديثه معكم؟ قال أبو سفيان: لا، قال هرقل: ما كان ليذر؛ أي ليترك الكذب على الناس ثم يكذب على الله.