أعطى، وإن امتحنت ببقائها فما ينبغي أن تجبن بها عن جهاد، أو تفتن بها عن طاعة، أو تستقوي بها على معصية، قال الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (الأنفال: 27، 28).
ومن معاني الأمانة؛ أن تحفظ حقوق المجالس التي تشارك فيها؛ فلا تدع لسانك يفشي أسرارها ويسرد أخبارها؛ فكم من حبال تقطعت، وكم من مصالح تعطلت لاستهانة بعض الناس بأمانة المجلس وذكرهم ما يدور فيه من كلام منسوب إلى قائله أو غير منسوب؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
((إذا حدث رجل رجل ً ابحديث ثم التفت فهو أمانة)).
وحرمات المجالس تصان ما دام الذي يجري فيها مضبوطًا بقوانين الأدب وشرائع الدين وإلا فليس لها حرمة، وعلى كل مسلم شهد مجلسًا يمكر فيه المجرمون بغيرهم ليلحقوا بهم الأذى أن يسارع إلى الحيلولة دون الفساد جهد طاقته؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((المجلس بالأمانة إلى ثلاثة مجالس؛ مجلس سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق)).
وللعلاقات الزوجية في نظر الإسلام قداسة؛ فما يضمه البيت من شئون العشرة بين الرجل وامرأته يجب أن يطوى في أستار مسبلة؛ فلا يطلع عليه أحد مهما قرب، والسفهاء من العامة يثرثرون بما يقع بينهم وبين أهلهم من أمور، وهذه وقاحة حرمها الله تعالى؛ فعن أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها - أنها كانت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والرجال والنساء قعود عنده فقال: ((لعل رجل ً ايقول ما فعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها))؛ فأذم القوم - أي سكتوا وجلين خائفين - تقول أسماء: فقلت: أي والله يا رسول الله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن، قال: ((لا تفعلوا؛ فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون)).