والمرأة؛ لأن السياق يشعر بالحث على الإعراض عنهما، وأن ذلك قبيح، ولكن يكون قبيحًا إذا كان الأمر خالصًا للدنيا والمرأة، أو لأحدهما أما لو اقترنت الهجرة بالزواج فلا شيء فيها، ولكن درجتها أقل من الهجرة الخالصة.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): من نوى بهجرته مفارقةَ دار الكفر وتزوج المرأة معًا لا تكون قبيحةً، ولا تكون هجرته غير صحيحة، بل هي ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة، وإنما أشعر السياق بذم من فعل ذلك بالنسبة إلى من طلب المرأة بصورة الهجرة الخالصة، فأما من طلبها مضمومة إلى الهجرة؛ فإنه يثاب على قصد الهجرة، لكن دون ثواب من أخلص، وكذا من طلب التزويج فقط لا على صورة الهجرة إلى الله تعالى؛ لأنه من الأمر المباح الذي يثاب فاعله إذا قصد به القربى كالإعفاف.
ومن أمثلة ذلك ما وقع في قصة إسلام أبي طلحة: فيما رواه النسائي عن أنس قال: تزوج أبو طلحة أم سليم؛ فكان صداق ما بينهما الإسلام أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة؛ فخطبها أبو طلحة، فقالت: إني قد أسلمت؛ فإن أسلمت تزوجتك فأسلم فتزوجته، وهو محمول على أنه رغب في الإسلام أولًا، ودخله من وجهه، وضم إلى ذلك إرادة التزويج، وهو مباح؛ فصار كمن نوى بصومِهِ العبادة والحمية، يعني: الصحة، أو بطوافه العبادة، وملازمة الغريم.
واختار الغزالي فيما يتعلق بالثواب: أنه إن كان القصد الدنيوي، هو الأغلب لم يكن فيه أجر، أو الديني أجر بقدره، أي: كان الأغلب القصد الديني، وإن تساويا فتردد القصد بين الشيئين، فلا أجر؛ أما إذا نوى العبادة، وخالطها بشيء مما يغاير الإخلاص؛ فقد نقَلَ أبو جعفر بن جرير الطبري عن جمهور السلف بأن الاعتبار بالابتداء؛ فإن كان ابتداؤه لله خالصًا لم يضره ما عرض له بعد ذلك من إعجاب وغيره.