الناس التي وضعت بين يديه؛ فإن استهانة الفرد بما كلف به وإن كان تافهًا تستتبع شيوع التفريط في حياة الجماعة كلها، ثم استشراء الفساد في كيان الأمة وتداعيه برمته.

وخيانة هذه الواجبات تتفاوت إثمًا ونكرًا، وأشدها شناعة ما أصاب الدين وجمهور المسلمين وتعرضت البلاد لأذاه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إذا جمع الله بين الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء يعرف به فيقال: هذه غدرة فلان)) رواه البخاري، وفي رواية ((لكل غادر لواء عند استه يرفع له بقدر غدرته، ولا غادر أعظم من أمير عامة)) الحديث رواه مسلم؛ أي ليس أعظم خيانة ولا أسوأ عاقبة من رجل تولى أمور الناس فنام عنها حتى أضاعها.

ومن الأمانة ألا يستغل الرجل منصبه الذي عين فيه لجر منفعة إلى شخصه وقرابته؛ فإن التشبع من المال العام جريمة، والمعروف أن الحكومات أو الشركات تمنح مستخدميها أجورًا معينة، ف محاولة التزيد عليها بالطرق الملتوية هي اكتساب للسحت، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من استعملناه على عمل فرزقناه رزقًا؛ فما أخذ بعد ذلك فهو غلول))؛ أي سرقة وحرام؛ لأنه اختلاس من مال الجماعة الذي ينفق في حقوق الضعفاء والفقراء ويرصد للمصالح الكبرى، قال تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} (آل عمران: 161).

أما الذي يلتزم حدود الله في وظيفته ويأنف من خيانة الواجب الذي طوقه فهو عند الله من المجاهدين بنصرة دينه وإعلاء كلمته، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث رواه أبو داود في (سننه) يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((العامل إذا استعمل فأخذ الحق وأعطى الحق لم يزل كالمجاهد في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015