بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السادس عشر
(تابع: الأمانة - العدل)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
بقية الحديث عن الأمانة.
إن الأمانة خلق نبيل نادت به كل الشرائع السماوية، والأمانة لها معنى واسع يتسع لكل أضرب الحياة، يقول الشيخ الغزالي في كتابه (خلق المسلم) تحت عنوان؛ الأمانة: الإسلام يرقب من معتنقه أن يكون ذا ضمير يقظ، تصان به حقوق الله وحقوق الناس، وتحرس به الأعمال من دواعي التفريط والإهمال، ومن ثم أوجب الإسلام على المسلم أن يكون أمينًا، والأمانة في نظر الشارع واسعة الدلالة، وهي ترمز إلى معان شتى مناطها جميعًا شعور المرء بتبعته في كل أمر يوكل إليه، وإدراكه الجازم بأنه مسئول عنه أمام ربه على النحو الذي فصله الحديث الكريم؛ ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته؛ فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته))، رواه البخاري.
قال ابن عمر راوي الحديث: سمعت هؤلاء من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأحسبه قال: ((الرجل في مال أبيه راع وهو مسئول عن رعيته)) والعوام يقصرون الأمانة في أضيق معانيها وآخرها ترتيبًا؛ وهو حفظ الودائع، مع أن حقيقتها في دين الله أضخم وأثقل إنها الفريضة التي يتواصى بها المسلمون يتواصون برعايتها ويستعينون بالله على حفظها؛ حتى إنه عندما يكون أحدهم على أهبة سفر يقول له أخوه: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.
وعن أنس قال: ما خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا قال: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))، ولما كانت السعادة القصوى أن يوقي الإنسان شقاء العيش