القضاء أن أنقض العهد يومًا ما؛ فإني أخلد عند ذلك إلى التنصل والاعتذار؛ لعدم الاستطاعة في دفع ما قضيتَهُ علي.
وقيل: معناه إني متمسك بما عهدته إلي من أمرك ونهيك، ونيل العذر في الوفاء به قدر الوسع والطاقة، وإن كنتُ لا أقدر أن أبلغَ كنْهَ الواجب فيه، وفيه: ((ولا يقتل مؤمنٌ بكافر، ولا ذو عهدٍ في عهدِهِ)) أي: ولا ذو ذمة في ذمته، ((ولا مشرك أعطي أمانًا فدخل دار الإسلام، فلا يقتل حتى يعود إلى مأمنه)).
ولهذا الحديث تأويلان بمقتضى مذهب الشافعي وأبي حنيفة، أما الشافعي فقال: لا يقتل المسلم بالكافر مطلقًا، معاهدًا كان الكافر، أو كان غير معاهد، حربيًّا كان أو ذميًّا، مشركًا كان أو كتابيًّا؛ فأجرى اللفظَ على ظاهره، ولم يضمر له شيئًا؛ فكأنه نهى عن قتل المسلم بالكافر، وعن قتل المعاهد. وفائدة ذكره بعد قوله: ((لا يقتل مسلم بكافر)) لئلا يتوهم متوهم أنه قد نفي عنه القَوَدُ بقتله الكافر، فيظن أن المعاهد لو قتله كان حكمه كذلك قال: ((ولا ذو عهد في عهده)) ويكون الكلام معطوفًا على ما قبله منتظمًا في سلكه من غير تقدير شيء محذوف.
وأما أبو حنيفة: فإنه خصص الكافر في الحديث بالحربي دون الذمي، وهو بخلاف الإطلاق؛ لأن من مذهبه: أن المسلم يقتل بالذمي، فاحتاج أن يضمر في الكلام شيئًا مقدرًا، ويجعل فيه تقديمًا وتأخيرًا؛ فيكون التقدير: لا يقتل مسلمٌ ولا ذُو عهدِ في عهدِهِ بكافر، أي: لا يقتل مسلم، ولا كافر معاهد بكافر؛ فإن الكافر قد يكون معاهدًا وغير معاهد، وفيه: ((من قتل معاهدًا -أو معاهدًا- لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا)) يجوز أن يكون بكسر الهاء، وفتحها على الفاعل والمفعول، وهو في الحديث بالفتح أشهر وأكثر، والمعاهد من كان بينك وبينه