وهو خلق الحياء الذي هو من صفات ذي الجلال -سبحانه وتعالى- والذي يجعل الحق يغفر الذنوب لكبار السن، الذين شابوا في الإسلام؛ إذ جاء في بعض الأحاديث: ((أن الله تعالى يستحيي أن يعذب ذا شيبة شابت في الإسلام))، وهو نفس المعنى الذي ورد في (الحلية) لأبي نعيم الأصفهاني، عن علي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله يحب أبناء السبعين، ويستحيي من أبناء الثمانين)) قال السيوطي: هذا حديث حسن.
إن هذا الحياء، وهذا الخلق النبيل جعل الإمام عليًّا كرم الله وجهه لا يسجد لصنم، ولا يرى عورة قط، حتى عورة نفسه، والحياء أيضًا هو الخلق النبيل الذي جعل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الخليفة الثالث الراشد لا يمس، ولا يقترب من ذكره، أي: من فرجه بيده اليمنى؛ حياء من الله تعالى، إذ اليمين علامة كل خير، والله تعالى يحب التيامن في كل شيء.
يقول عثمان بن عفان -رضي الله عنه: "والله ما مَسَسْت ذكري بيميني منذ أسلمت، ولكن علينا جميعًا أن نفهم بأن الحياء الحق لا يمنع من قول الحق، ولا فعل الحق، ولا تعلم الخير، ولا قول الخير، فإن الحياء إذا منع من قول الحق، أو فعل الحق، أو قول الخير، أو تعلم الخير لا يكون حياء محمودًا، وإنما يكون خجلًا وكسوفًا ممقوتًا، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (البقرة: 26)، وقال تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (الأحزاب: 53).
هذا وبالله التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.