ثم جاء باب آخر في كراهة قول المستأذن أنا، إذا قيل من هذا: أي: الذين يذهبون إلى البيوت ويستأذنون عليها، الذين يكونون في الداخل يقولون: من بالباب، أو من بالخارج؟ فيقول أنا، المفروض والمطلوب أن يقول: أنا فلان حتى يعرفه من بالداخل، وهذا ما حدث مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما جاء زائر، وطرق الباب فقال -صلى الله عليه وسلم: من؟ فقال: أنا فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كالكاره لذلك الأمر، ويقول: ((ومن أنا؟)).
روى مسلم في صحيحه بسنده عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: ((أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعوت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قلت: أنا. قال: فخرج وهو يقول: أنا أنا)) أي: كأنه كره هذا -صلى الله عليه وسلم.
وبسنده أيضًا عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: ((استأذنت على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: من هذا؟ فقلت: أنا. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: أنا أنا))، ثم جاء بعد ذلك التصريح بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكره هذا الأمر، فروى مسلم بسنده هذا الحديث بهذا الإسناد، وفي حديثهم ((كأنه كره ذلك)).
ثم جاء باب بعد ذلك يُحرم النظر في بيت الغير، روى مسلم بسنده عن ابن شهاب، أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن رجلًا اطلع في جحر في باب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني: كوّة، فتحة من الباب، ومع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مدرًا يعني: مشطًا يحكُّ به رأسه، فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو أعلم أنك تنظرني لطعنتُ به في عينك، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: إنما جُعل الإذن من أجل البصر)).
وبسنده أن رجلًا اطلع من جحر في باب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ومع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِدرًا يُرجِّل به رأسه فقال له رسول -صلى الله عليه وسلم: ((لو أعلم أنك تنظر طعنت به في عينك، إنما جعل الله الإذن من أجل البصر))، وروى مسلم أيضًا بسنده عن أنس بن