أدب الاستئذان في الدخول على البيوت يكون ثلاثًا، وهنا شيء آخر في هذا الحديث حرص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى لا يزيد فيه أحد.
نفس الحديث برواية أخرى رواه مسلم بسنده، عن أبي سعيد أن أبا موسى أتى باب عمر فاستأذن فقال: "عمر واحدة، ثم استأذن الثانية، فقال عمر: ثنتان، ثم استأذن الثالثة؛ فقال عمر: ثلاث، ثم انصرف، فأتبعه فردَّه فقال:
"إن كان هذا حفظته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فها أي: قل، وإلا فلأجعلنك عظة"، قال أبو سعيد: فأتانا -يعني: أبو موسى- فقال: ألم تعلموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الاستئذان ثلاث)) قال: فجعلوا يضحكون، قال: فقلت: أتاكم أخوكم المسلم قد أُفزع تضحكون، انطلق فأنا شريكك في هذه العقوبة، فأتاه فقال: هذا أبو سعيد".
وروى مُسلم أيضًا بسنده عن أبي سعيد -رضي الله عنه- وعن أبي ندرة قالا الاثنان؛ أبو سعيد وأبو ندرة: "هذا الحديث بنفس المعنى"، وروى مسلم بسنده عن عبيد بن عميرة، أن أبا موسى استأذن على عمر ثلاثًا، فكأنه وجده مشغولًا فرجع، فقال عمر: ألم تسمع صوت عبد الله بن قيس، وهو أبو موسى الأشعري اسمه عبد الله بن قيس، ائذنوا له، فدُعي له، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: إنا كنا نُؤمر بهذا -والصحابي إذا قال كنا نؤمر يكون ذلك حديثًا؛ لأنه لا يأمر الصحابي إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال عمر: لتُقيمنَّ على هذا بينة، أو لأفعلنَّ -تهديد- فخرج، فانطلق إلى مجلس من الأنصار، فقالوا: لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا فقام أبو سعيد فقال: كنا نؤمر بهذا، فقال عمر: خفي عليّ هذا من أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألهاني عنه الصفق بالأسواق، يعني: سيدنا عمر حزن على ما فاته من الأحاديث بسبب التجارة التي كان يعمل بها.