لقد بيَّنَّا فيما سبق أن الأخلاق تُطلق على ما يتخلَّق به الإنسان، وأن منها المحمود ومنها المذموم، والإسلام دعا إلى الأخلاق الكريمة المحمودة، وحذَّر من الأخلاق المذمومة، وقال -صلى الله عليه وسلم- كما سبق ((إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق)).
وكان -صلى الله عليه وسلم- أجمل الناس خلقًا وخلقًا قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، وقال تعالى واصفًا رسوله بالرحمة وحسن الخلق قال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159)، وقال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف: 199)، وحول دعوة الإسلام للأخلاق النبيلة الفاضلة، وأنه جاء بتعاليم سامية تدعو إلى السمو في الأخلاق والتعامل مع الناس من منطلق إيماني، وأخلاق إسلامية فاضلة.
يقول شيخنا الغزالي -رحمه الله تعالى- في كتابه (خلق المسلم): يقول تحت عنوان نحو عالم أفضل: "ظهر من هذه التعاليم -يقصد تعاليم الإسلام التي تحدث عنها- أن الإسلام جاء لينتقل بالبشر خُطوات فسيحات إلى حياة مشرقة بالفضائل والآداب، وأنه اعتبر المراحل المؤدّية إلى هذا الهدف النبيل من صميم رسالته، كما أنه عدَّ الإخلال بهذه الوسائل خروجًا عليه وابتعادًا عنه، فليست الأخلاق من مواد الترف التي يمكن الاستغناء عنها، بل هي أصول الحياة التي يرتضيها الدين، ويحترم ذويها".
وقد أحصى الإسلام بعدئذٍ الفضائل كلها، وحثَّ أتباعه على التمسك بها واحدة واحدة، ولو جمعنا أقوال صاحب الرسالة -صلى الله عليه وسلم- في التحلِّي بالأخلاق الزكية؛ لخرجنا بسفْر لا يُعرف مثله لعظيم من أئمة الإصلاح".