فهذا المقتول نيته متوجهة لقتل من قتله، فلو أتيحت له الفرصة، وتمكن من قتل الآخر لقتله؛ من هنا أدخل الله تعالى القاتل والمقتول في النار
روى البخاري ومسلم بسندهما في صحيحهما عن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما؛ فالقاتل والمقتول في النار، قلت: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه)) نقل ابن حجر في (الفتح) أن الخطابي قال: هذا الوعيد لمن قاتل على عداوة دنيوية، أو طلب ملكًا مثلًا، فأما من قاتل أهل البغي، أو دفع الصائل، يعني: المعتدي؛ فَقُتِلَ؛ فلا يدخل في هذا الوعيد، لأنه مأذون له في القتال.
والحديث دليل على عقوبة من عزم على معصية بقلبه، ووطن نفسه عليها، فالمدار في الإسلام على نية المرء، والله -سبحانه وتعالى- يحاسب العباد، ويعطيهم، ويمنعهم، ويدخلهم جنته، أو ناره بحسب نيته التي لا يعلمها غيره -سبحانه وتعالى- وها هي الصلاة التي هي عمود الدين عندما يخرج الرجل من بيته لا يريد إلا الصلاة، ويكون مخلصًا في ذلك لله حتى يصل إلى المسجد؛ فيصلي ما شاء، ويجلس في انتظار الصلاة مخلصًا لله لا يحبسه في مجلسه أو في مسجده إلا الصلاة، أي: انتظارها ما دامت هذه نيته؛ فإن الملائكة تستغفر له، وتدعو له بالرحمة، والمغفرة ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه؛ بشرط ألا يحدث، يعني: لا يبطل وضوءه، أو يؤذي أحدًا من خلق الله أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم.
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقه بضعًا وعشرين